تَعَالَى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} [النساء: ١٧٦] وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْهَلَكَةُ الْهَلَاكُ وَهُوَ اسْتِحَالَةُ الشَّيْءِ وَفَسَادُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ - وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البقرة: ٢٠٥] وَالصَّلَاةُ بِالِالْتِفَاتِ تَسْتَحِيلُ مِنَ الْكَمَالِ إِلَى الِاخْتِلَاسِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، (" فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ ") : لَكَ أَيْ: مِنَ الِالْتِفَاتِ وَتَفْوِيتِ الْكَمَالِ (" فَفِي التَّطَوُّعِ ") ، أَيْ: فَلْيَكُنْ فِي النَّفْلِ لِأَنَّهُ جَوَّزَ فِيهِ التَّوَسُّعَ (" لَا فِي الْفَرِيضَةِ ") : فَإِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَزِيمَةِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: لِأَنَّ مَبْنَى التَّطَوُّعِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهَا لِمَزِيدِ ثَوَابِهَا وَثَمَرَاتِهَا وَفَوَائِدِهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِلنَّفْلِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ إِذْنًا مُقْتَضِيًا لِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ فِي النَّفْلِ، بَلْ حَثًّا عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ فِي الْفَرْضِ، وَبَيَانًا لِكَوْنِ الِاحْتِيَاطِ بِهِ أَلْيَقَ، وَتَنَزُّلًا مَعَ مَزِيدِ تَفْوِيتِ الْكَمَالِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ وَإِنْ رَضِيَ بِتَفْوِيتِهِ فِي النَّفْلِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْضَى بِتَفْوِيتِهِ فِي الْفَرْضِ اهـ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي النَّفْلِ دُونَ الْكَرَاهَةِ فِي الْفَرْضِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute