للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢٥ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ (السَّجْدَةَ) وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ، فَنَزْدَحِمُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا لِجَبْهَتِهِ مَوْضِعًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

١٠٢٥ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ السَّجْدَةَ) ، أَيْ: آيَةَ سَجْدَةٍ مُتَّصِلَةً بِمَا قَبْلَهَا، أَوْ بِمَا بَعْدَهَا لَا مُنْفَرِدَةً، أَوِ التَّقْدِيرُ يَقْرَأُ سُورَةَ السَّجْدَةِ، أَيْ: سُورَةً فِيهَا آيَةُ سَجْدَةٍ، (وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ، فَنَزْدَحِمُ) ، أَيْ: نَجْتَمِعُ حَيْثُ ضَاقَ الْمَكَانُ عَلَيْنَا (حَتَّى مَا يَجِدُ) : بِالرَّفْعِ، وَقِيلَ بِالنَّصْبِ (أَحَدُنَا) : قَالَ مِيرَكُ: أَيْ " بَعْضُنَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كُلُّ وَاحِدٍ وَلَا وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ (لِجَبْهَتِهِ مَوْضِعًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ) ، أَيْ: مَعَهُمْ فَيُؤَخِّرُ السَّجْدَةَ عَنْهُمْ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ: «كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ» ، قَالَ ابْنُ الْهَمَّامِ: رُوِيَ «عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ تَلَا عَلَى الْمِنْبَرِ، فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ» ، وَالسُّنَّةُ فِي أَدَائِهَا: أَنْ يَتَقَدَّمَ التَّالِي وَيُصَفَّ السَّامِعُونَ خَلْفَهُ، وَلَيْسَ هَذَا اقْتِدَاءٌ حَقِيقَةً بَلْ صُورَةً، وَلِذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْبِقُوهُ بِالْوَضْعِ وَلَا بِالرَّفْعِ، فَلَوْ كَانَ حَقِيقَةُ الِائْتِمَامِ لَوَجَبَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَشْرُوعِيَّةُ السُّجُودِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهِ، فَعِنْدَنَا هُوَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ يَعْنِي لِلتِّلَاوَةِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النَّحْلِ، فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى قَرَأَهَا فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ.

قُلْتُ: الْحَدِيثَانِ مَوْقُوفَانِ، وَمَعَ هَذَا فَإِمَّا مَحْمُولَانِ عَلَى اجْتِهَادِهِمَا، أَوْ عَلَى بَيَانِ نَفْيِ وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ، قَالَ: وَيَتَأَكَّدُ لِلْمُسْتَمِعِ أَكْثَرَ لِمَا صَحَّ عَنْ عُثْمَانَ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا اهـ.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ فَوْرِيَّتُهُ عَلَيْهِ لِمَا فِي تَأْخِيرِهِ مِنْ ظُهُورِ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْمُومَةِ، سِيَّمَا إِذَا سَجَدَ الْقَارِئُ، أَوْ سَجَدَ، مَعَهُ الْحَاضِرُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>