وَأَخْرَجَ مَالِكٌ الْمُفَصَّلَ، (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) ، قَالَ مِيرَكُ نَقْلًا عَنِ التَّصْحِيحِ، بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَرَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً» وَإِسْنَادَهُ وَاهٍ اهـ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ الْهَمَّامِ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنَيْنٍ، بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَبِنُونَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَابْنُ مُنَيْنٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَذَلِكَ لِجَهَالَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ اهـ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ نَقْلًا عَنِ السَّبِيعِيِّ التَّابِعِيِّ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ سَبْعِينَ سَنَةً يَسْجُدُونَهَا، فَلَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ فِي الْأَعْرَافِ عَقِبَ آخِرِهَا، وَالرَّعْدِ عُقَيْبِ (الْآصَالِ) ، وَالنَّحْلِ عَقِبَ (يُؤْمَرُونَ) ، وَقِيلَ: (يَسْتَكْبِرُونَ) ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ بَعِيدٌ، وَ (سُبْحَانَ) عَقِبَ (خُشُوعًا) وَ (مَرْيَمَ) عَقِبَ (وَبُكِيًّا) ، (وَالْفُرْقَانِ) عَقِبَ (نُفُورًا) ، وَ (النَّمْلِ) عَقِبَ (الْعَظِيمِ) ، وَقِيلَ: (يُعْلِنُونَ) وَرُدَّ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهُ لَا تَوْقِيفَ يُعْلَمُ هُنَا، وَ (الم السَّجْدَةَ) عَقِبَ (يَسْتَكْبِرُونَ) وَفُصِّلَتْ عَقِبَ (يَسْأَمُونَ) ، وَقِيلَ: (يَعْبُدُونَ) ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّةِ سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَحْمَدُ: خَمْسَ عَشْرَةَ أَخْذًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَمْرٍو هَذَا فَأَدْخَلَ سَجْدَةَ (ص) فِيهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً، مِنْهَا ثِنْتَانِ فِي الْحَجِّ، وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَلَيْسَتْ سَجْدَةَ (ص) مِنْهُنَّ، بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا» "، أَيْ: عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي آتَاهَا اللَّهُ تَعَالَى دَاوُدَ، وَهِيَ قَبُولُ التَّوْبَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَأَسْقَطَ الثَّانِيَةَ مِنَ الْحَجِّ، وَأَثْبَتَ سَجْدَةَ (ص) ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِحْدَى عَشْرَةَ، فَأَسْقَطَ سَجْدَةَ (ص) وَسَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ، «لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَسْجُدُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ» ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا فِي آخِرِ سُورَةٍ، فَالرُّكُوعُ يَكْفِي عَنِ السَّجْدَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ اهـ.
وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَفْصِيلُهُ مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: كُلُّ سَجْدَةٍ وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ فَرَكَعَ وَنَوَاهَا فِيهِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ فَسَجَدَ لِلصَّلَاةِ سَقَطَتْ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَقْرَأْ بَعْدَهَا ثَلَاثَ آيَاتٍ، وَفِيمَا إِذَا قَرَأَ ثَلَاثًا خِلَافٌ، فَإِنْ قَرَأَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَلَا بُدَّ مِنَ السُّجُودِ لَهَا قَصْدًا، وَلَا يَتَأَدَّى بِالرُّكُوعِ وَلَا بِسُجُودِ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ لَا تَقْضِي خَارِجَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute