للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ. حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الضِّعْفَ لَا يَتَجَاوَزُ عَنْ سَبْعِمِائَةٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِمَا فِي مُسْلِمٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ اهـ. فَالْمُرَادُ بِسَبْعِمِائَةٍ الْكَثْرَةُ، وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: ٢٦١] وَالْمُرَادُ هُنَا بِالضِّعْفِ الْمِثْلُ، وَخَصَّ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ بِمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَصَحَّ: صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخَذْتُ مِنْ هَذَا كَأَحَادِيثَ أُخَرَ أَنَّهَا فِي مَكَّةَ بِمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ صَلَاةٍ كَمَا يَأْتِي، فَالْعَشَرَةُ لَا يَنْقُصُ عَنْهَا، وَالزِّيَادَةُ لَا مُنْتَهًى لَهَا، وَمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ فَأَكْثَرَ دَرَجَاتٌ بِحَسَبِ كَمَالِ الْأَعْمَالِ، وَمَا يَصْحَبُهَا مِنَ الْإِخْلَاصِ وَغَيْرِهِ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَسَنَاتِ تَخْتَلِفُ كَيْفِيَّاتُهَا أَيْضًا ( «وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِمِثْلِهَا» ) أَيْ كَمِّيَّةً، فَضْلًا مِنْهُ تَعَالَى وَمِنَّةً وَرَحْمَةً، وَإِنْ كَانَتِ السَّيِّئَاتُ تَتَفَاوَتُ كَيْفِيَّةً لِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَأَشْخَاصِ الْإِنْسَانِ، وَمَرَاتِبِ الْعِصْيَانِ (حَتَّى لَقِيَ اللَّهُ) أَيْ إِلَى أَنْ يَلْقَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجَازِيهِ أَوْ يَعْفُو عَنْهُ، وَالْعُدُولُ إِلَى الْمَاضِي لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: ١] وَلَا يَبْعُدُ تَعَلُّقُ حَتَّى بِالْجُمْلَتَيْنِ، وَإِرَادَةُ اللُّقَى بِمَعْنَى الْمَوْتِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>