للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٣٣ - وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً، فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، مِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ عَلَى الْأَرْضِ، حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

١٠٣٣ - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ) ، أَيْ: فَتْحِ مَكَّةَ (سَجْدَةً) ، أَيْ: آيَةَ سَجْدَةٍ بِانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، أَوْ مُفْرَدَةٌ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ; لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا خِلَافُ الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَنَا لِإِيهَامِ تَفْضِيلِ آيِ السَّجْدَةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَالْكُلُّ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى فِي رُتْبَةٍ، وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهَا بِسَبَبِ اشْتِمَالِهِ عَلَى ذِكْرِ صِفَاتِ الْحَقِّ جَلَّ جَلَالُهُ زِيَادَةَ فَضِيلَةٍ، قَالَ ابْنُ الْهَمَّامِ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ مَعَهَا آيَاتٍ لِيَكُونَ أَدَلَّ عَلَى مُرَادِ الْآيَةِ، وَلِيَحْصُلَ بِحَقِّ الْقِرَاءَةِ لَا بِحَقِّ إِيجَابِ السَّجْدَةِ، إِذِ الْقِرَاءَةُ لِلسُّجُودِ لَيْسَتْ بِمُسْتَحَبَّةٍ، فَيَقْرَأُ مَعَهَا آيَاتٍ لِيَكُونَ قَصْدُهُ إِلَى التِّلَاوَةِ لَا إِلَى إِيجَابِ السُّجُودِ (فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، مِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ عَلَى الْأَرْضِ) : مُتَعَلِّقٌ بِالسَّاجِدِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَمَّا كَانَ الرَّاكِبُ لَا يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ جَعَلَ غَيْرَ السَّاجِدِ عَلَيْهَا قَسِيمًا لَهُ، فَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الرَّاكِبَ لَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ لِلسُّجُودِ بِالْأَرْضِ (حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ) : بِكَسْرِ إِنَّ وَتُفْتَحُ (لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ) ، أَيِ: الْمَوْضُوعَةِ عَلَى السَّرْجِ أَوْ غَيْرِهِ لِيَجِدَ الْحَجْمَ حَالَةَ السَّجْدَةِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ يَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ يَصِحُّ إِذَا انْحَنَى عُنُقُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اهـ.

وَهُوَ غَيْرُ مَشْهُورٍ فِي الْمَذْهَبِ، فَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: لَوْ سَجَدَ بِسَبَبِ الزِّحَامِ عَلَى فَخِذِهِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ عُذْرٌ مَنَعَهُ عَنِ السُّجُودِ عَلَى غَيْرِ الْفَخِذِ فِي الْمُخْتَارِ، وَلَا يَجُوزُ بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ وَضَعَ كَفَّهُ بِالْأَرْضِ وَسَجَدَ عَلَيْهَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ إِلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ اهـ.

قَالَ ابْنُ الْهَمَّامِ: إِذَا تَلَا رَاكِبًا أَوْ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ أَجْزَأَهُ الْإِيمَاءُ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ، وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>