للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيْ: سَقَطَتْ، (" خَطَايَا وَجْهِهِ ") : مِنَ الصَّغَائِرِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: ضَبَطْنَاهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمِيعِ الرُّوَاةِ إِلَّا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ بِالْجِيمِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، أَيْ: جَرَتْ مَعَ مَاءِ الْوُضُوءِ، وَذَهَبَتْ ذُنُوبُ وَجْهِهِ، (" وَفِيهِ ") ، أَيْ: خَطَايَا فَمِهِ مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ، وَمِنْ طَرِيقِ الطَّعَامِ، (" وَخَيَاشِيمِهِ ") ، أَيْ: أَنْفِهِ جَمْعُ خَيْشُومٍ، وَهُوَ بَاطِنُ الْأَنْفِ مِنْ جِهَةِ رَائِحَةِ طِيبٍ مُحَرَّمٍ عَلَى جِهَةِ الْقَصْدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَطْفَ " فِيهِ " وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرِيٌّ لِقَوْلِهِ: (" ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ ") ، أَيْ: كُلَّهُ أَوْ بَاقِيَهُ (" كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ ") : إِشَارَةً إِلَى أَنَّ غَسْلَهُ فَرْضٌ بِأَمْرِهِ تَعَالَى عَزَّ قَائِلًا: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّهُمَا سُنَّتَانِ بِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ بِمَعْنَى كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِهِ وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَ إِرَادَةِ السَّعْيِ " ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ "، (" إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ ") : مِنْ ذُنُوبِ عَيْنَيْهِ (" مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ ") ، أَيْ: مَوْضِعُهَا (" مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ") ، أَيْ: مُنْضَمَّتَيْنِ إِلَيْهِمَا، أَوْ إِلَى مَعْنَى " مَعَ " خِلَافًا لِزُفَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَهُ، وَفِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ حَيْثُ انْعَكَسَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ، وَانْقَلَبَ الرَّأْيُ لَدَيْهِمْ، فَيَغْسِلُونَ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفَقَيْنِ إِلَى الْأَصَابِعِ (" إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ ") : وَهِيَ كَثِيرَةٌ (" مِنْ أَنَامِلِهِ ") : وَهِيَ رُءُوسُ أَصَابِعِهِ (" مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ ") : ظَاهِرُهُ الِاسْتِيعَابُ إِمَّا بِطْرِيقِ الْفَرْضِيَّةِ وَإِمَّا عَلَى طَرِيقِ السُّنِّيَّةِ، (" إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ ") : وَمِنْهَا خَطَايَا الْأُذُنَيْنِ، وَلِذَا يُمْسَحَانِ بِمَائِهِ عِنْدَنَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ: (" مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ ") : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا نَظَرًا إِلَى الْأَصْلِ، أَوِ التَّغْلِيبِ، (" مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ") : كَمَا مَرَّ (" إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ ") : شَرْطِيَّةٌ (" هُوَ ") ، أَيِ: الرَّجُلُ وَرَافِعُهُ فِعْلٌ مُضْمَرٌ يُفَسِّرُهُ (" قَامَ ") : وَلِحَذْفِهِ بَرَزَ ضَمِيرُهُ الْمَسْتَكِنُّ فِيهِ، أَيْ: فَإِنْ قَامَ بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ (" فَصَلَّى فَحَمِدَ ") : وَفِي نُسْخَةٍ: وَحَمِدَ، أَيْ: وَشَكَرَ (" اللَّهَ ") ، أَيْ: بَعْدَ الصَّلَاةِ (" وَأَثْنَى عَلَيْهِ ") ، أَيْ: ذَكَرَ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَقِيلَ: فَائِدَتُهُ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ لَفْظَ الْحَمْدِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ (" وَمَجَّدَهُ ") ، أَيْ: عَظَّمَهُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، فَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ، أَوْ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، وَجَعَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ لِمَزِيدِ التَّأْكِيدِ وَالْإِطْنَابِ (" بِالَّذِي ") ، أَيْ: بِالتَّحْمِيدِ الَّذِي (" هُوَ لَهُ أَهْلٌ ") ، أَيْ: مِمَّا يَلِيقُ بِعَظَمَةِ جَمَالِهِ وَجَلَالَةِ جَلَالِهِ وَبَهَاءِ كَمَالِهِ، وَقُدِّمَ الْجَارُّ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ وَالِاهْتِمَامِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: ضَمِيرُ " هُوَ " عَائِدٌ إِلَى الْمَوْصُولِ، وَضَمِيرُ " لَهُ " إِلَى اللَّهِ، (" وَفَرَّغَ قَلْبَهُ ") ، أَيْ: جَعَلَهُ حَاضِرًا لِلَّهِ وَغَائِبًا عَمَّا سِوَاهُ، أَيْ: فِي صَلَاتِهِ وَحَالَةِ مُنَاجَاتِهِ (" لِلَّهِ ") ، أَيْ: لَا لِغَيْرِهِ حَتَّى الثَّوَابِ ; لِأَنَّ رَبْطَ الْقَصْدِ بِهِ يُنَافِي مَقَامَ الْكَمَالِ الْمُشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] (" إِلَّا انْصَرَفَ ") : قِيلَ: " هُوَ " فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ هُوَ " فَاعِلٌ مَحْذُوفٌ وَعَائِدٌ إِلَى الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ تَقْدِيرُهُ: إِنْ قَامَ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَلَيْسَ إِلَّا انْصَرَفَ، (" مِنْ خَطِيئَتِهِ ") : وَقِيلَ: الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ " إِنْ " فِيهِ نَافِيَةٌ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَجَوَابُ " إِنْ " فَلَا يَنْصَرِفْ خَارِجًا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا انْصَرَفَ خَارِجًا مِنْ خَطِيئَتِهِ، أَيْ: صَغَائِرِهِ فَيَصِيرُ مُتَطَهِّرًا مِنْهَا (" كَهَيْئَتِهِ ") ، أَيْ: كَصِفَتِهِ (" يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ") : بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَفِي نُسْخَةٍ: " كَهَيْئَةِ يَوْمَ " بِالْإِضَافَةِ مَعَ تَنْوِينِ " يَوْمَ " وَفَتْحِهِ عَلَى الْبِنَاءِ، وَظَاهِرُهُ غُفْرَانُ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ إِلَّا أَنَّ الصَّغَائِرَ مُحَقَّقَةٌ وَالْكَبَائِرَ بِالْمَشِيئَةِ مُقَيَّدَةٌ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: " فَإِنْ هُوَ قَامَ " إِنْ شَرْطِيَّةٌ، وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ بَعْدَهَا فَاعِلُ فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، أَيْ: لَا يَنْصَرِفُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا مِنْ خَطِيئَتِهِ. . . . إِلَخْ، وَجَازَ تَقْدِيرُ النَّفْيِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الزَّمَخْشَرِيِّ، وَأَمَّا مَذْهَبُ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَيَجُوزُ فِي الْإِثْبَاتِ نَحْوَ: قَرَأْتُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>