للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كُلُّ حُرٍّ وَعَبْدٍ يَعْنِي مَأْمُورٌ بِالْمُوَافَقَةِ، وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ وَزَيْدٌ، أَوْ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي إِحْدَى رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ، وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، وَلَعَلَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُذْكَرْ لِصِغَرِهِ، وَكَذَا خَدِيجَةَ لِسَتْرِهَا وَعَدَمِ ظُهُورِهَا (قُلْتُ: مَا الْإِسْلَامُ؟) أَيْ عَلَامَتُهُ أَوْ شُعَبُهُ أَوْ كَمَالُهُ (قَالَ: طِيبُ الْكَلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ) فِيهِمَا إِشَارَةٌ إِلَى الْحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَإِظْهَارِ الْإِحْسَانِ لِأَفْرَادِ الْإِنْسَانِ، وَلَوْ بِحَلَاوَةِ اللِّسَانِ (قُلْتُ: مَا الْإِيمَانُ؟) أَيْ ثَمَرَتُهُ وَنَتِيجَتُهُ [قَالَ: (الصَّبْرُ) أَيْ عَلَى الطَّاعَةِ، وَعَنِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْمُصِيبَةِ (وَالسَّمَاحَةُ) أَيِ السَّخَاوَةُ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَالْإِحْسَانُ وَالْكَرَمُ لِلْفُقَرَاءِ، وَقِيلَ: الصَّبْرُ عَلَى الْمَفْقُودِ، وَالسَّمَاحَةُ بِالْمَوْجُودِ (قَالَ: قُلْتُ: أَيُّ الْإِسْلَامِ) أَيْ خِصَالُهُ أَوْ أَهْلُهُ، وَهُوَ أَوْلَى (أَفْضَلُ؟ قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) قَالَ: قُلْتُ أَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟) أَيْ أَيُّ أَخْلَاقِهِ أَوْ خِصَالِهِ (قَالَ: خُلُقٌ حَسَنٌ) بِضَمِّ اللَّامِ، وَتُسَكَّنُ، وَهُوَ صِفَةٌ جَامِعَةٌ لِلْخِصَالِ السَّنِيَّةِ وَالشَّمَائِلِ الْبَهِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] وَلِذَا قَالَتِ الصِّدِّيقَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، أَيْ يَأْتَمِرُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، وَيَنْتَهِي عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. وَذَكَرَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا خَاتِمَةُ الْمُحَدِّثِينَ وَآخِرُ الْمُجْتَهِدِينَ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ: إِنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ. رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ جَدِّ الْحَسَنِ ( «أَنَّ أَحْسَنَ الْحَسَنِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ» ) ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الْخُلُقُ الْحَسَنُ هُوَ بَسْطُ الْمُسَمَّى بِالْمَحْيَا، وَبَذْلُ النَّدَى وَالْعَطَاءَ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَأَلَّا يُخَاصِمَ لِشِدَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى؛ وَلِذَا قِيلَ: الصُّوفِيُّ لَا يُخَاصِمُ وَلَا يُخَاصَمُ، أَوْ إِرْضَاءُ الْخَلْقِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. وَقَالَ سَهْلٌ: أَدْنَاهُ الِاحْتِمَالُ وَتَرْكُ الْمُكَافَأَةِ، وَالرَّحْمَةِ لِلظَّالِمِ، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ، وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ قَدْ لَاحَ وَبَانَ عِنْدَ أَرْبَابِ الْعِرْفَانِ بِطَوَالِعَ الْوَحْيِ، وَلَوَائِحِ الْوِجْدَانِ أَنَّ الْإِنْسَانَ جَوْهَرُ لُطْفٍ نُورَانِيٌّ مِنْ عَالَمِ الْأَمْرِ، شَبِيهٌ بِالْجَوَاهِرِ الْقُدْسِيَّةِ الْمَلَكُوتِيَّةِ، وَلَهُ قُوَّتَانِ يَحْظَى بِكَمَالِهِمَا وَيَشْقَى بِسَبَبِ اخْتِلَالِهِمَا؛ قُوَّةٌ عَاقِلَةٌ تُدْرِكُ حَقَائِقَ الْمَوْجُودَاتِ بِأَجْنَاسِهَا وَأَنْوَاعِهَا، وَتَنْتَقِلُ مِنْهَا إِلَى مَعْرِفَةِ مَنِ اشْتَغَلَ بِإِبْدَاعِهَا، وَعَامِلَةٌ تُدْرِكُ النَّافِعَ نَافِعًا فَتَمِيلُ إِلَيْهِ وَالضَّارَّ مُضِرًّا فَتَنْفِرُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أُمُورٌ مَعَاشِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِحِفْظِ النَّوْعِ وَكَمَالِ الْبَدَنِ؛ وَلِذَا وَرَدَ " خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ، أَوْ مَلَكَاتٍ فَاضِلَةٍ وَأَحْوَالٍ بَاطِنَةٍ هِيَ الْخُلُقُ الْحَسَنُ، وَهُوَ إِمَّا تَزْكِيَةُ النَّفْسِ عَنِ الرَّذَائِلِ، وَأُصُولُهَا عَشَرَةٌ: الطَّعَامُ، وَالْكَلَامُ، وَالْغَضَبُ، وَالْحَسَدُ، وَالْبُخْلُ، وَحُبُّ الْمَالِ، وَالْجَاهُ، وَالْكِبْرُ، وَالْعُجْبُ، وَالرِّيَاءُ، أَوْ تَحْلِيَتُهَا بِالْفَضَائِلِ، وَأُمَّهَاتُهَا عَشْرَةٌ: التَّوْبَةُ، وَالْخَوْفُ، وَالزُّهْدُ، وَالصَّبْرُ، وَالشُّكْرُ، وَالْإِخْلَاصُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالْمَحَبَّةُ، وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَذِكْرُ الْمَوْتِ، وَالْخُلُقُ مَلَكَةٌ تَصْدُرُ بِهَا الْأَفْعَالُ عَنِ النَّفْسِ بِسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ رَوِيَّةٍ، وَتَنْقَسِمُ إِلَى فَضِيلَةٍ، هِيَ الْوَسَطُ، وَرَذِيلَةٌ وَهِيَ الْأَطْرَافُ؛ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] . (قَالَ: قُلْتُ أَيُّ: الصَّلَاةِ) أَيْ أَيُّ أَرْكَانِهَا، أَوْ كَيْفِيَّاتِهَا (أَفْضَلُ؟) أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا وَفَضْلًا (قَالَ: طُولُ الْقُنُوتِ) أَيِ الْقِيَامُ أَوِ الْقِرَاءَةُ أَوِ الْخُشُوعُ (قَالَ: قُلْتُ: أَيُّ الْهِجْرَةِ) أَيْ أَفْرَادِهَا (أَفْضَلُ؟) فَإِنَّ الْهِجْرَةَ أَنْوَاعٌ: إِلَى الْحَبَشَةِ عِنْدَ إِيذَاءِ الْكُفَّارِ لِلصَّحَابَةَ، وَمِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمِنْ مَعْنَاهُ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهِجْرَةُ الْقَبَائِلِ لِتَعَلُّمِ الْمَسَائِلِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْهِجْرَةُ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْأَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْأَعَمُّ الْأَشْمَلُ (قَالَ: فَقُلْتُ) وَفِي نُسْخَةٍ: قَلْتُ: (فَأَيُّ الْجِهَادِ) أَيْ أَنْوَاعِهِ أَوْ أَهْلِهِ (أَفْضَلُ؟ قَالَ: (مَنْ عُقِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (جَوَادُهُ) أَيْ قُتِلَ فَرَسُهُ (وَأُهْرِيقَ دَمُهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَهُوَ وَهْمٌ، أَيْ صُبَّ وَسُكِبَ، يُقَالُ: أَرَاقَ يُرِيقُ، وَهَرَاقَ يُهَرِيقُ بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ هَاءً، وَأَهْرَاقَ يُهَرِيقُ بِزِيَادَتِهَا كَمَا زِيدَتِ السِّينُ فِي اسْتَطَاعَ، وَالْهَاءُ فِي مُضَارِعِ الْأَوَّلِ مُحَرِّكَةٌ، وَفِي مُضَارِعِ الثَّانِي مُسَكَّنَةٌ كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>