١٠٦٧ - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ، إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ. فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
١٠٦٧ - (وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ: رِجَالٍ ; لِأَنَّ جَمَاعَةَ النِّسَاءِ وَإِمَامُهُنَّ مِنْهُنَّ مَكْرُوهَةٌ وَتَقْيِيدُهُ بِالثَّلَاثَةِ الْمُفِيدُ مَا فَوْقَهُمْ بِالْأَوْلَى نَظَرًا إِلَى أَقَلِّ أَهْلِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا، وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَأَنَّهُ أَكْمَلُ صُوَرِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ يُتَصَوَّرُ بِاثْنَيْنِ. (فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ) أَيْ: بَادِيَةٍ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَنَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ لِلْمُسَافِرِينَ، أَيْضًا، لَكِنَّ حَالَ نُزُولِهِمْ لِلْحَرَجِ فِي حَالِ سَيْرِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ، أَيْ بِشَرْطِ سُكْنَاهُمْ بِهَا وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْهُمُ الْجَمَاعَةُ عِنْدَنَا. (لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ) أَيْ: الْجَمَاعَةُ كَمَا فِي رِوَايَةِ (إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ) أَيْ: اسْتَوْلَى وَغَلَبَ (عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ) : فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: لِأَنَّ تَرْكَ أَمْرِ الشَّرِيعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مُتَابَعَةٌ لِلشَّيْطَانِ، (فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ) أَيْ: الْزَمْهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ بَعِيدٌ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَيَسْتَوْلِي عَلَى مَنْ فَارَقَهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: فَقَوْلُهُ: فَعَلَيْكَ مِنَ الْخِطَابِ الْعَامِّ تَفْخِيمًا لِلْأَمْرِ وَالْفَاءُ مُسَبَّبَةٌ عَنْ قَوْلِهِ: قَدِ اسْتَحْوَذَ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: (فَإِنَّمَا) : مُسَبَّبَةٌ عَنِ الْجَمِيعِ يَعْنِي: إِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْحَالَةَ فَاعْرِفْ مِثَالَهُ فِي الشَّاهِدِ فَإِنَّمَا (يَأْكُلُ) : وَفِي رِوَايَةٍ: يَأْخُذُ (الذِّئْبُ) : بِالْهَمْزِ وَالْيَاءِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ، أَيِ: الشَّيْطَانُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا لَا يَخْفَى (الْقَاصِيَةَ) أَيِ: الشَّاةَ الْبَعِيدَةَ عَنِ الْأَغْنَامِ لِبُعْدِهَا عَنْ رَاعِيهَا، فَإِنَّ عَيْنَ الرَّاعِي تَحْمِي الْغَنَمَ الْمُجْتَمِعَةَ، وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ» "، أَيْ: نُصْرَتُهُ، وَنَظَرُ عِنَايَتِهِ عَلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ) : قَالَ مِيرَكُ: وَسَكَتَ عَلَيْهِ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ (وَالنَّسَائِيُّ) .
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَمَّا إِفْتَاءُ الْغَزَالِيِّ فِيمَنْ يَتَحَقَّقُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَخْشَعُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا دُونَ مَا إِذَا صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لِتَشَتُّتِ هَمِّهِ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْجَمْعُ يَمْنَعُهُ الْخُشُوعَ فِي أَكْثَرِ صَلَاتِهِ فَالِانْفِرَادُ لَهُ أَوْلَى فَرَدُّوهُ، وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُخْتَارَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السُّنَّةِ وَبِأَنَّ فِي ذَلِكَ فَتْحُ بَابٍ عَظِيمٍ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ فِي بَرَكَةِ الْجَمَاعَةِ مَا يُلِمُّ شَعَثَ التَّفْرِقَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute