للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَفٌّ آخَرُ، فَيَصِيرُ تَقَارُبُ أَشْبَاحِكُمْ سَبَبًا لِتَعَاضُدِ أَرْوَاحِكُمْ، وَلَا يَقْدِرُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ (وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ) أَيْ: بِأَنْ لَا يَتَرَفَّعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِأَنْ يَقِفَ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْآخَرِ قَالَهُ الْقَاضِي، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَا عِبْرَةَ بِالْأَعْنَاقِ إِذْ لَيْسَ عَلَى الطَّوِيلِ أَنْ يَجْعَلَ عُنُقَهُ مُحَاذِيًا لِلْقَصِيرِ، انْتَهَى. وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُحَاذَاةِ الْأَعْنَاقِ بِالْمُحَاذَاةِ بِالْمَنَاكِبِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ حَجَرٍ، فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: " «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ» " (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لِأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مَنْ خَلَلِ الصَّفِّ) : بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: فُرْجَتِهِ، أَوْ كَثْرَةِ تَبَاعُدِهَا عَنْ بَعْضٍ. (كَأَنَّهَا الْحَذَفُ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ الْغَنَمُ السُّودُ الصِّغَارُ مِنْ غَنَمِ الْحِجَازِ، وَقِيلَ: صِغَارٌ جُرْدٌ لَيْسَ لَهَا آذَانٌ وَلَا أَذْنَابٌ، يُجَاءُ بِهَا مِنَ الْيَمَنِ، أَيْ: كَأَنَّ الشَّيْطَانَ وَأُنِّثَ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا أُنِّثَ لِأَنَّ اللَّامَ فِي الْخَبَرِ لِلْجِنْسِ، يَكُونُ فِي الْمَعْنَى جَمْعًا، وَفِي نُسْخَةٍ (كَأَنَّهُ) وَفِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ قَالَ الْمُظْهِرُ: الضَّمِيرُ فِي (كَأَنَّهَا) رَاجِعٌ إِلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: جَعَلَ نَفْسَهُ شَاةً أَوْ مَاعِزَةً كَأَنَّهَا الْحَذَفُ، وَقِيلَ: وَيَجُوزُ التَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ الشَّيْطَانِ، وَيَجُوزُ تَأْنِيثُهُ بِاعْتِبَارِ الْحَذَفِ لِوُقُوعِهِ بَيْنَهُمَا فَلَا حَاجَةَ إِلَى مُقَدَّرٍ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَسَكَتَ عَلَيْهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، نَقَلَهُ مِيرَكُ وَقَالَ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>