(٢٥) بَابُ الْمَوْقِفِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
١١٠٦ - «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ فَعَدَلَنِي كَذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ إِلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
[٢٥] بَابُ الْمَوْقِفِ
أَيْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ.
١١٠٦ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ) أَيْ: رَقَدْتُ أَوْ كُنْتُ لَيْلًا (فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ) : مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، (فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي) أَيْ: مِنَ اللَّيْلِ، وَظَاهِرُهُ التَّهَجُّدُ (فَقُمْتُ) أَيْ:، وَقَفْتُ (عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ) أَيْ: وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الشُّرَّاحُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ قَامَ يُصَلِّي (فَعَدَلَنِي) : بِالتَّخْفِيفِ، وَقِيلَ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: أَمَالَنِي، وَصَرَفَنِي (كَذَلِكَ) أَيْ: آخِذًا بِيَدِي (مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ) : بَيَانٌ لِذَلِكَ: (إِلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ) : مُتَعَلِّقٌ بِعَدَلَنِي، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْكَافُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: عَدَلَنِي عَدْلًا مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ هِيَ الْحَالَةُ الْمُشَبَّهَةُ بِهَا الَّتِي صَوَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِيَدِهِ عِنْدَ التَّحَدُّثِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي رِوَايَةٍ: فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا: جَوَازُ الصَّلَاةِ نَافِلَةً بِالْجَمَاعَةِ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَأْمُومَ الْوَاحِدَ يَقِفُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ. وَمِنْهَا: جَوَازُ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْهَا: عَدَمُ جَوَازِ تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَارَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَكَانَتْ إِدَارَتُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَيْسَرَ. وَمِنْهَا: جَوَازُ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَعَ فِي صَلَاتِهِ مُنْفَرِدَا، ثُمَّ ائْتَمَّ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَوْ يَسَارَهُ جَازَ وَهُوَ مُسِيءٌ.
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْإِسَاءَةِ إِذَا كَانَ خَلْفَهُ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَهُ وَسَأَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا لِأَحَدٍ أَنْ يُسَاوِيَكَ فِي الْمَوْقِفِ، فَدَعَا لَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ غَلَطٍ ; لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمُحَاذَاةِ الْيَمِينِ، وَدُعَاؤُهُ لَهُ لِحُسْنِ تَأْدِيبِهِ، لَا لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إِنْ صَحَّتْ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِقَامَةَ عَنْ يَمِينِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَتْ بِمُحَاذَاةِ الْيَمِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ: أُورِدَ كَيْفَ جَازَ النَّفْلُ بِجَمَاعَةٍ وَهُوَ بِدْعَةٌ؟ أُجِيبُ: بِأَنَّ أَدَاءَهُ بِلَا آذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ بِوَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ، يَجُوزُ عَلَى أَنْ نَقُولُ: كَانَ التَّهَجُّدُ عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرْضًا فَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرُوِيَ مُطَوَّلًا، وَقَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قُلْتُ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ مُطَوَّلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute