قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أُصَلِّي مِنْ خَلْفِكُمَا؟ قَالَا: نَعَمْ، فَقَامَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ رَكَعْنَا، فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا، ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخْذَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمُ الْوَقْفُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: الثَّابِتُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ: (هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ) . قِيلَ: كَأَنَّهُمَا ذُهِلَا، فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَهُ مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ لَمْ يَرْفَعْهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَرَفَعَهُ فِي الثَّالِثَةِ، وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ إِلَخْ. وَإِذَا صَحَّ الرَّفْعُ، فَالْجَوَابُ إِمَّا بِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِضِيقِ الْمَكَانِ، أَوْ مَا قَالَ الْحَازِمِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَعَلَّمَ هَذِهِ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ إِذْ فِيهَا التَّطْبِيقُ وَأَحْكَامٌ أُخْرَى هِيَ الْآنَ مَتْرُوكَةٌ، وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَدِينَةَ تَرَكَهُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ جَابِرٍ، فَإِنَّهُ شَهِدَ الْمَشَاهِدَ الَّتِي بَعْدَ بَدْرٍ اهـ.
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَغَايَةُ مَا فِيهِ خَفَاءُ النَّاسِخِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ ; إِذْ لَمْ يَكُنْ دَأْبُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا إِمَامَةَ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ دُونَ الِاثْنَيْنِ إِلَّا فِي النُّدْرَةِ كَهَذِهِ الْقِصَّةِ وَحَدِيثِ الْيَتِيمِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ فَلَمْ يَطَّلِعْ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى خِلَافِ مَا عَلِمَهُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : قَالَ مِيرَكُ: مِنْ جُمْلَةِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute