الرُّجُوعُ الْمَعْرُوفُ بِهَذَا الِاسْمِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ مَشَى إِلَى خَلْفِ ظَهْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعُودَ إِلَى جِهَةِ مَشْيِهِ، (فَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ) : قَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا الْمِنْبَرُ كَانَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ مُتَقَارِبَةٍ، فَالنُّزُولُ يَتَيَسَّرُ بِخُطْوَةٍ أَوْ خُطْوَتَيْنِ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَرَادَ تَعْلِيمَ الْقَوْمِ، أَيِ: الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ الصَّلَاةَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ أَعْلَى، قِيلَ: قَوْلُهُ: عَمِلَ إِلَخْ. زِيَادَةٌ فِي الْجَوَابِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: الْمُهِمُّ أَنْ يَعْرِفَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الْغَرِيبَةَ، إِنَّمَا ذَكَرَ حِكَايَةَ صُنْعِ الصَّانِعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ عَارِفٌ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْفَوَائِدِ، (ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَرَكَعَ (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى، حَتَّى سَجَدَ بِالْأَرْضِ. هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ) : أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ هُنَا تَأَسِّيًا بِالْمَصَابِيحِ، حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي الْحِسَانِ لِيُبَيِّنَ بِهِ أَنَّهُ مُقَيِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ.
(وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ نَحْوُهُ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ (وَفِي آخِرِهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَقَالَ، أَيِ الرَّاوِي فِي آخِرِهِ، أَيْ آخِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، (فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ) : وَفِي نُسْخَةٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ (إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ (لِتَأْتَمُّوا بِي) أَيْ: لِتَقْتَدُوا بِي فِي الصَّلَاةِ أَوَّلًا (وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي) أَيْ: كَيْفِيَّتَهَا ثَانِيًا، قَالَ مِيرَكُ: كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ مِنَ الْمِشْكَاةِ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، وَوَقَعَ فِي أَصْلِ سَمَاعِنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ: وَلِتَعَلَّمُوا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ، وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، قُلْتُ: وَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ، فَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute