١١٢٢ - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
١١٢٢ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثَلَاثَةٌ) أَيْ أَشْخَاصٌ (لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ) : جَمْعُ الْأُذُنِ الْجَارِحَةِ، أَيْ: لَا تُقْبَلُ قَبُولًا كَامِلًا أَوْ لَا تُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ رَفْعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: بَلْ أَدْنَى شَيْءٍ مِنَ الرَّفْعِ، وَخَصَّ الْآذَانَ بِالذِّكْرِ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ التِّلَاوَةِ وَالدُّعَاءِ، وَلَا تَصِلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَبُولًا وَإِجَابَةً، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَارِقَةِ: " «يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيهِمْ» " عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ بِعَدَمِ مُجَاوَزَةِ الْآذَانِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ لَا يُرْفَعُ عَنْ آذَانِهِمْ فَيُظِلُّهُمْ كَمَا يُظِلُّ الْعَمَلُ الصَّالِحُ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قِيلَ: هَؤُلَاءِ اسْتُوْصُوا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ حَقِّ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ وَالصَّلَاةِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُومُوا بِمَا اسْتُوْصُوا لَمْ تَتَجَاوَزْ طَاعَتُهُمْ عَنْ مَسَامِعِهِمْ، كَمَا أَنَّ الْقَارِئَ الْكَامِلَ هُوَ أَنْ يَتَدَبَّرَ الْقُرْآنَ بِقَلْبِهِ وَيَتَلَقَّاهُ بِالْعَمَلِ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ لَمْ يَتَجَاوَزْ مِنْ صَدْرِهِ إِلَى تُرْقُوَتِهِ. (الْعَبْدُ الْآبِقُ) أَيْ: أَوَّلُهُمْ أَوْ مِنْهُمْ أَوْ أَحَدُهُمْ (حَتَّى يَرْجِعَ) أَيْ: إِلَى أَمْرِ سَيِّدِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْجَارِيَةُ الْآبِقَةُ، (وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ) : وَفِي اخْتِيَارِهِ عَلَى ظَلَّتْ نُكْتَةٌ لَا تَخْفَى (وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ) : هَذَا إِذَا كَانَ السُّخْطُ لِسُوءِ خُلُقِهَا أَوْ سُوءِ أَدَبِهَا أَوْ قِلَّةِ طَاعَتِهَا، أَمَّا إِنْ كَانَ سُخْطُ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَقَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا إِذَا كَانَ السُّخْطُ لِسُوءِ خُلُقِهَا وَإِلَّا فَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ. (وَإِمَامُ قَوْمٍ) أَيِ: الْإِمَامَةُ الْكُبْرَى، أَوْ إِمَامَةُ الصَّلَاةِ (وَهُمْ لَهُ) : وَفِي نُسْخَةٍ: لَهَا، أَيِ الْإِمَامَةِ (كَارِهُونَ) أَيْ: لِمَعْنًى مَذْمُومٍ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ كَرِهُوا لِخِلَافِ ذَلِكَ، فَالْعَيْبُ عَلَيْهِمْ وَلَا كَرَاهَةَ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ كَارِهُونَ لِبِدْعَتِهِ أَوْ فِسْقِهِ أَوْ جَهْلِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَرَاهَةٌ وَعَدَاوَةٌ بِسَبَبِ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، فَلَا يَكُونُ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قِيلَ: الْمُرَادُ إِمَامٌ ظَالِمٌ، وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ السُّنَّةَ فَاللَّوْمُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِمَامُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، فَيَتَغَلَّبُ فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهَا فَاللَّوْمُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا كَرِهَهُ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ حَتَّى يَكْرَهَهُ أَكْثَرُ الْجَمَاعَةِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، قَالَ مِيرَكُ، أَيْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، قُلْتُ: أَيْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute