١١٥٧ - «وَعَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْنَا ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ، وَهُمْ يُصَلُّونَ. فَقُلْتُ: أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ فَقَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
١١٥٧ - (وَعَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى مَيْمُونَةَ قَالَ: أَتَيْنَا ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ) : بِفَتْحِ الْبَاءِ ضَرْبٌ مِنَ الْحِجَارَةِ يُفْرَشُ بِهِ الْأَرْضُ، ثُمَّ سُمِّيَ الْمَكَانُ بَلَاطًا اتِّسَاعًا، وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ. (وَهُمْ) أَيْ: أَهْلُهُ (يُصَلُّونَ. فَقُلْتُ: أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ قَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ) : وَلَعَلَّهُ صَلَّى جَمَاعَةً، أَوْ كَانَ الْوَقْتُ صُبْحًا أَوْ عَصْرًا أَوْ مَغْرِبًا (وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا تُصَلُّوا صَلَاةً) أَيْ: وَاحِدَةً بِطَرِيقَةِ الْفَرِيضَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ (فِي يَوْمٍ) أَيْ: فِي وَقْتٍ (مَرَّتَيْنِ) أَيْ: بِالْجَمَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا إِلَّا إِذَا وَقَعَ نُقْصَانٌ فِي الْأُولَى، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، قَالَ مِيرَكُ: إِنْ حُمِلَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ كَانَ مُنَافِيًا لِحَدِيثِ مُعَاذٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ قَوْمِهِ. قُلْتُ: يُحْمَلُ فِعْلُ مُعَاذٍ عَلَى عَدَمِ الْإِعَادَةِ بِأَنَّهُ نَوَى أَوَّلًا نَفْلًا، ثُمَّ نَوَى فَرْضًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا، أَوْ بِالْعَكْسِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ مِيرَكُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِعَادَةِ صَلَاةِ الْفَرْضِ مُنْفَرِدًا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لِأَنَّ مَنْ صَلَّى وَأَرَادَ أَنْ يُعِيدَ مُنْفَرِدًا، فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَنْعَقِدُ عِنْدَنَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الْإِعَادَةِ إِلَّا مَا وَرَدَ بِهِ الدَّلِيلُ، وَلَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي الْإِعَادَةِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ مِيرَكُ: وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِسَائِرِ الْأَحَادِيثِ، وَلَا لِمَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ. قُلْتُ: مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَذْهَبِنَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ جَوَابًا لِلسَّائِلِ ; إِذْ كَلَامُهُ فِي الْإِعَادَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَأَيْضًا لَيْسَ فِي الْأَحَادِيثِ تَصْرِيحٌ بِالْإِعَادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِنَّمَا هِيَ إِعَادَةٌ صُورِيَّةٌ، فَيَكُونُ النَّهْيُ مَحْمُولًا عَلَى الْحَقِيقَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَاتِّفَاقًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَهَذَا أَوْلَى، وَبِالِاخْتِيَارِ أَحْرَى. (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute