للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٦٠ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ فِي الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ» ، قَالَ: وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

١١٦٠ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَرَادَ مَعِيَّةَ الْمُشَارَكَةِ لَا مَعِيَّةَ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهَا فِي النَّفْلِ مَكْرُوهَةٌ سِوَى التَّرَاوِيحِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حَاكِيًا: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: ٤٤] (رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ) : وَالتَّثْنِيَةُ لَا تُنَافِي الْجَمْعَ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رُوِيَ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ. (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ) : الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْأَخِيرَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: عَائِدٌ إِلَى الْكُلِّ، وَيُوَافِقُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: " «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» "، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَنَا قَوْلُهُ: (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ) : وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَيْضًا صَلَّى فِي بَيْتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيُؤَيِّدُهُ مَا بَعْدَهُ. (قَالَ) أَيْ: ابْنُ عُمَرَ (وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ) أَيْ: أُخْتُهُ بِنْتُ عُمَرَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

قَالَ الطَّحَاوِيُّ: ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَقَالَ قَوْمٌ: يُقْرَأُ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَاصَّةً ; إِذْ وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ: رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حَتَّى أَقُولَ: هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْكِتَابِ؟ ثُمَّ أَوْرَدَ أَحَادِيثَ عَلَى بُطْلَانِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَ (الْإِخْلَاصَ) وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْأُولَى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: ١٣٦] الْآيَةَ، وَفِي الثَّانِيَةِ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: ١٣٦] إِلَى قَوْلِهِ: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٦] وَفِي رِوَايَةٍ فِي الثَّانِيَةِ: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٥٣] اهـ. مُلَخَّصًا، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فِي الثَّانِيَةِ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: ٦٤] قَالَ الْجَزَرِيُّ: الْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَةِ السُّورَتَيْنِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ، أَنَّهُمَا لِمَ اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَتَنْزِيهِ اللَّهِ، وَالرَّدِّ عَلَى الْكَافِرِينَ فِيمَا يَعْتَقِدُونَهُ وَيَدْعُونَ إِلَيْهِ كَانَ الِافْتِتَاحُ بِهِ أَوَّلَ الصُّبْحِ لِتَشْهَدَ بِهِ الْمَلَائِكَةُ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ: " «اقْرَأْ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ» "، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْفِيفِهِمَا، أَنَّهُ كَانَ يُحْيِي ثُلُثَ اللَّيْلِ أَوْ أَكْثَرَ، فَقَصَدَ أَنْ يَتَوَفَّرَ نَشَاطُهُ لِلْفَرْضِ، فَكَلَامُ عَائِشَةَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>