١١٦٥ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» "، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: " لِمَنْ شَاءَ " كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
١١٦٥ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ") ، أَيْ: رَكْعَتَيْنِ. كَمَا فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ، وَكَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، قَالَ مُحْيِي الدِّينِ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْغُرُوبِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، أَوْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا وَرَدَ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ.
وَفِيهَا وَجْهَانِ: أَشْهَرُهُمَا لَا يُسْتَحَبُّ، وَالْأَصَحُّ يُسْتَحَبُّ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهِ، وَعَلَيْهِ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَالْخَلَفِ، كَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَمَالِكٌ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ. قُلْتُ: وَإِمَامُهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: وَذَلِكَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ عَنْ وَقْتِهِ، أَيْ: عَنْ وَقْتِهِ الْحَقِيقِيِّ عِنْدَ مَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَنْ وَقْتِهِ الْمُخْتَارِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. (قَالَ فِي الثَّالِثَةِ) ، أَيْ: عَقِبَهَا (" لِمَنْ شَاءَ ") ، أَيْ: ذَلِكَ الْأَمْرُ لِمَنْ شَاءَ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ. (كَرَاهِيَةَ) ، أَيْ: عِلَّةٌ لِقَالَ، أَيْ: مَخَافَةَ (أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً) .
قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ غَيْرُهُ، وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: سُنَّةٌ، أَيْ: عَزِيمَةٌ لَازِمَةٌ مُتَمَسِّكِينَ بِقَوْلِهِ: (صَلُّوا) فَإِنَّهُ أَمْرٌ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَتَعْلِيقُهُ بِالْمَشِيئَةِ يَدْفَعُ حَمْلَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيَكُونُ مَنْدُوبًا، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ قَوْلُهُ: سُنَّةٌ، أَيْ فَرِيضَةٌ إِذْ قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِمْ: الْخِتَانُ سُنَّةٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِيُعْرَفَ بِهِ خُرُوجُ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ، ثُمَّ أُمِرُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِتَعْجِيلِ الْمَغْرِبِ، وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِنَّهَا بِدْعَةٌ. اهـ.
وَأَمَّا مَا نُقِلَ فِي تَصْحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ خَبَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَعَلَهُمَا، فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَوَّلِ الْأَمْرِ، أَوْ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، أَوْ عَلَى خَصَائِصِهِ. وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، مُطْلَقٌ قَابِلٌ لِلتَّقْيِيدِ بِمَا عَدَا الْمَغْرِبَ، وَكَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي مُسْلِمٍ: إِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ لَهُمَا، مَعَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ الْمَحْصُورَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ الْمَذْكُورِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ ; لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ مَحْمُولٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالنَّفْيَ عَلَى الِانْتِهَاءِ، وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ هَذَا الْمُرَامِ، فَعَلَيْهِ شَرْحَ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الْهُمَامِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمَامِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute