٥٦ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٦ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) بِالْوَاوِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَرْبَعٌ) أَيْ خِصَالٌ أَرْبَعٌ، أَوْ أَرْبَعٌ مِنَ الْخِصَالِ، فَسَاغَ الِابْتِدَاءُ بِهِ (مَنْ كُنَّ فِيهِ) قِيلَ بِتَأْوِيلِ اعْتِقَادِ اسْتِحْلَالِهِنَّ (كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا) وَيُمْكِنُ أَلَّا يَجْتَمِعْنَ فِي مُؤْمِنٍ خُصُوصًا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِيَادِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْخِصَالِ الْأَرْبَعِ (كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا) أَيْ يَتْرُكَهَا (إِذَا اؤْتُمِنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وُضِعَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ (خَانَ) أَيْ بِالتَّصَرُّفِ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ (وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ) أَيْ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ) أَيْ يَنْقُضُ الْعَهْدَ ابْتِدَاءً، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إِذَا حَالَفَ تَرَكَ الْوَفْدَ (وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) أَيْ شَتَمَ وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ وَاسْتَمَرَّتْ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَكُونَ مُنَافِقًا، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ الْمَفْتُونُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يُصِرُّ عَلَيْهَا، وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهَا عَدِمَ الْأُخْرَى، قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كَالْمُنَافِقِ بِحَذْفِ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ مِثْلَ " زَيْدٌ أَسَدٌ "، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُخْتَصًّا بِأَهْلِ زَمَانِهِ، فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَرَفَ بِنُورِ الْوَحْيِ بَوَاطِنَ أَحْوَالِهِمْ، وَمَيَّزَ بَيْنَ مَنْ آمَنَ بِهِ صِدْقًا وَمَنْ أَذْعَنَ لَهُ نِفَاقًا، وَأَرَادَ اطِّلَاعَ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِمْ لِيَحْذَرُوا مِنْهُمْ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَسْمَائِهِمْ؛ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَتُوبُ، فَلَمْ يَفْضَحْهُمْ بَيْنَ النَّاسِ؛ وَلِأَنَّ تَرْكَ التَّصْرِيحِ أَوْقَعُ فِي النَّصِيحَةِ، وَأَدَلُّ عَلَى الشَّفَقَةِ، وَأَجْلَبُ إِلَى الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِيمَانِ، وَأَبْعَدُ عَنِ النُّفُورِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَالِالْتِحَاقِ بِالْمُخَالِفِينَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَفْظُهُمْ: ( «إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute