للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُكْسَرُ، أَيْ لَا تَرْمُوا بِالزِّنَا عَفِيفَةً (وَلَا تُوَلُّوا لِلْفِرَارِ) أَيْ لِأَجْلِهِ، مِنَ التَّوَلِّي وَهُوَ الْإِعْرَاضُ وَالْإِدْبَارُ. أَصْلُهُ تَتَوَلَّوْا، فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَقِيلَ: بِضَمِّ التَّاءِ وَاللَّامِ، مِنْ وَلَّى تَوْلِيَةً إِذَا أَدْبَرَ أَيْ وَلَا تُوَلُّوا أَدْبَارَكُمْ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْفِرَارُ بِلَا لَامِ الْعِلَّةِ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ. (يَوْمَ الزَّحْفِ) أَيِ الْحَرْبِ مَعَ الْكُفَّارِ (وَعَلَيْكُمْ) ظَرْفٌ وَقَعَ خَبَرًا مُقَدَّمًا (خَاصَّةً) مَنَّوْنًا حَالٌ، وَالْمُسْتَتِرُ فِي الظَّرْفِ الْعَائِدِ إِلَى الْمُبْتَدَأِ، أَيْ مَخْصُوصِينَ بِهَذِهِ الْعَاشِرَةِ، أَوْ حَالَ كَوْنِ عَدَمِ الِاعْتِدَاءِ مُخْتَصًّا بِكُمْ دُونَ غَيْرِكُمْ مِنَ الْمِلَلِ، أَوْ تَمْيِيزٌ، وَالْخَاصَّةُ ضِدُّ الْعَامَّةِ (الْيَهُودَ) نَصْبٌ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالتَّفْسِيرِ، أَيْ أَعْنِي الْيَهُودَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَاصَّةً بِمَعْنَى خُصُوصًا، وَيَكُونُ الْيَهُودُ مَعْمُولًا لِفِعْلِهِ أَيْ: أَخُصُّ الْيَهُودَ خُصُوصًا، وَفِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ " يَهُودُ " مَضْمُومًا بِلَا لَامٍ عَلَى أَنَّهُ مُنَادَى، وَقَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَعْتَدُوا) بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ الْمُبْتَدَأُ مِنَ الْاعْتِدَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: أَنْ لَا تَعْدُوا بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ (فِي السَّبْتِ) أَيْ لَا تَتَجَاوَزُوا أَمْرَ اللَّهِ فِي تَعْظِيمِ السَّبْتِ بِأَنْ لَا تَصِيدُوا السَّمَكَ فِيهِ، وَقِيلَ: " عَلَيْكُمْ " اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذُوا، وَ " أَنْ لَا تَعْتَدُوا " مَفْعُولُهُ، أَيِ الْزَمُوا تَرْكَ الِاعْتِدَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ عَنِ الْآيَاتِ التِّسْعِ وَالْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ جَمِيعًا، وَأَخْبَرُوا عَنْ إِحْدَاهَا، وَأَضْمَرُوا عَنْ أُخْرَاهَا عَلَى طَرِيقِ التَّوْرِيَةِ، فَأَجَابَهُمْ عَنِ الْأَمْرَيْنِ وَحَذَفَ الرَّاوِي الْأَوَّلَ، أَوْ أَجَابَهُمْ عَنِ الْمُشْكِلِ أَوِ الْمُضْمَرِ، وَتَرَكَ الْمَشْهُورَ إِمَّا لِظُهُورِهِ، أَوْ عَلَى أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ؛ وَلِذَا أَذْعَنَّا لَهُ فِي الظَّاهِرِ. (قَالَ) صَفْوَانُ (فَقَبَّلَا) أَيِ الْيَهُودِيَّانِ (يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ) إِذْ هَذَا الْعِلْمُ مِنَ الْأُمِّيِّ مُعْجِزَةٌ، لَكِنْ نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ إِلَى الْعَرَبِ (قَالَ: (فَمَا يَمْنَعُكُمْ) فِيهِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، أَوِ الْمُرَادُ أَنْتُمَا وَقَوْمُكُمَا (أَنْ تَتَّبَعُونِي) بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، وَقِيلَ: بِالتَّخْفِيفِ أَيْ مِنْ أَنْ تَقْبَلُوا نُبُوَّتِي بِالنِّسْبَةِ إِلَيْكُمْ وَتَتَّبَعُونِي فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ (قَالَا: إِنَّ دَاوُدَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ) أَيْ بِأَنْ لَا يَنْقَطِعَ (مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيَكُونُ مُسْتَجَابًا، فَيَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَيَتَّبِعُهُ الْيَهُودُ، وَرُبَّمَا يَكُونُ لَهُمُ الْغَلَبَةُ وَالشَّوْكَةُ (وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ) أَيْ فَإِنْ تَرَكْنَا دِينَهُمْ، وَاتَّبَعْنَاكَ لِقَتَلَنَا الْيَهُودُ إِذَا ظَهَرَ لَهُمْ نَبِيٌّ وَقُوَّةٌ، وَهَذَا افْتِرَاءٌ مَحْضٌ عَلَى دَاوُدَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ قَرَأَ فِي التَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ بَعْثَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّبِيِّ، وَأَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَأَنَّهُ يُنْسَخُ بِهِ الْأَدْيَانُ، فَكَيْفَ يَدْعُو بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ شَأْنِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ . وَلَئِنْ سَلِمَ فَعِيسَى مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَهُوَ نَبِيٌّ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. (وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ) وَكَذَا الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ عِلَّةٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>