١٢٢٢ - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَزِعًا، يَقُولُ: " سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ ! وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ؟ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ " - يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ - " لِكَيْ يُصَلِّينَ؟ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
١٢٢٢ - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) : أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ (قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً) ، أَيْ: مِنْ لَيَالِيهَا (فَزِعًا) : بِكَسْرِ الزَّايِ حَالٌ، أَيْ: خَائِفًا مُضْطَرِبًا مِمَّا شَاهَدَهُ، (يَقُولُ: " سُبْحَانَ اللَّهِ ") : كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ وَتَعْظِيمٍ لِلشَّيْءِ، وَقَوْلُهُ: (" مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ ") : كَالتَّقْرِيرِ وَالْبَيَانِ ; لِأَنَّ " مَا " اسْتِفْهَامِيَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى التَّعَجُّبِ وَالتَّعْظِيمِ، (" وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ؟ ") : عَبَّرَ عَنِ الرَّحْمَةِ بِالْخَزَائِنِ لِكَثْرَتِهَا وَعِزَّتِهَا، وَعَنِ الْعَذَابِ بِالْفِتَنِ ; لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ مُؤَدِّيَةٌ إِلَى الْعَذَابِ وَجَمَعَهُمَا لِسَعَتِهِمَا وَكَثْرَتِهِمَا، كَذَا حَقَّقَهُ الطِّيبِيُّ. (" مَنْ يُوقِظُ ") : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: اسْتِفْهَامٌ، أَيْ: هَلْ أَحَدٌ يُوقِظُ (" صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ " - يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ -) ، أَيْ: يَعْنِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوَاحِبِ الْحُجُرَاتِ أَزْوَاجَهُ الطَّاهِرَاتِ (" لِكَيْ يُصَلِّينَ؟ ") : لِيَجِدْنَ الرَّحْمَةَ وَيَتَخَلَّصْنَ مِنَ الْعَذَابِ وَالْفِتْنَةِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنَ الْفِتَنِ مَا وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَلَعَلَّ ذِكْرَ صَوَاحِبِ الْحُجَرِ إِشَارَةٌ لِمَا وَقَعَ لِعَائِشَةَ مَعَ عَلِيٍّ فِي مَبَادِيهَا (" رُبَّ كَاسِيَةٍ ") ، أَيِ: امْرَأَةٌ أَوْ نَفْسٌ لَابِسَةٌ (" فِي الدُّنْيَا ") : مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ وَأَنْوَاعِ الزِّينَةِ مِنَ الْأَسْبَابِ، (" عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ ") : مِنْ أَصْنَافِ الثَّوَابِ وَفَاضِحَةٍ عِنْدَ الْحِسَابِ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي قَوْلِهِ: (عَارِيَةٍ) هِيَ مَجْرُورَةٌ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَلَى النَّعْتِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ النَّعْتِ، وَالتَّقْدِيرُ: رُبَّ كَاسِيَةٍ هِيَ عَارِيَةٌ عَرَفْتُهَا.
قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِرُبَّ هُنَا التَّكْثِيرُ، قَالَ الْأَشْرَفُ، أَيْ كَاسِيَةٌ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ عَارِيَةٌ مِنْ أَنْوَاعِ الثَّوَابِ، وَقِيلَ: عَارِيَةٌ مِنْ شُكْرِ النِّعَمِ، وَقِيلَ: هَذَا نَهْيٌ عَنْ لُبْسِ مَا يَشِفُّ مِنَ الثِّيَابِ، وَقِيلَ قَوْلُهُ: رُبَّ كَاسِيَةٍ كَالْبَيَانِ لِمُوجِبِ اسْتِيقَاظِ الْأَزْوَاجِ لِلصَّلَاةِ، أَيْ: لَا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَتَغَافَلْنَ عَنِ الْعِبَادَةِ وَيَعْتَمِدْنَ عَلَى كَوْنِهِنَّ أَهَالِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاسِيَاتٍ خُلْعَةَ نِسْبَةِ أَزْوَاجِهِ مُتَشَرِّفَاتٍ فِي الدُّنْيَا بِهَا، فَهَذِهِ عَارِيَاتٌ فِي الْآخِرَةِ إِذْ لَا أَنْسَابَ فِيهَا وَالْحُكْمُ عَامٌّ لَهُنَّ وَلِغَيْرِهِنَّ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فَذَكَرَ أَزْوَاجَهُ لِزِيَادَةِ التَّخْوِيفِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : قَالَ مِيرَكُ: وَالتِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute