١٢٤٥ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ ; فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
١٢٤٥ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا نَعَسَ ") : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيُكْسَرُ (" أَحَدُكُمْ ") : وَالنُّعَاسُ أَوَّلُ النَّوْمِ وَمُقَدِّمَتُهُ (" وَهُوَ يُصَلِّي ") : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (" فَلْيَرْقُدْ ") : الْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ وَيُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ، (" حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ ") ، أَيْ: ثِقَلُهُ (" فَإِنَّ أَحَدَكُمْ ") : عِلَّةٌ لِلرُّقَادِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ (" إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي ") : مَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: لَا يَعْلَمُ مَاذَا يَصْدُرُ عَنْهُ، وَمَا يَقُولُ مِنْ غَلَبَةِ النَّوْمِ. (" لَعَلَّهُ ") : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِمَا قَبْلَهُ (" يَسْتَغْفِرُ ") ، أَيْ: يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ (" فَيَسُبَّ ") : بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ، قَالَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ (" نَفْسَهُ ") ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ يَقْصِدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ بِأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اعْفِرْ، وَالْعَفْرُ هُوَ التُّرَابُ فَيَكُونُ دُعَاءً عَلَيْهِ بِالذُّلِّ وَالْهَوَانِ. اهـ. وَهُوَ تَصْوِيرُ مِثَالٍ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إِلَيْهِ التَّصْحِيفُ وَالتَّحْرِيفُ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى يَسْتَغْفِرُ، وَبِالنَّصْبِ جَوَابًا لِلتَّرَجِّي، وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّ أَصْلَ الْمِشْكَاةِ بِالْوَجْهَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الرِّوَايَةَ عَلَى النَّصْبِ وَجُوِّزَ الرَّفْعُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ، فَالرَّفْعُ لَيْسَ مِنَ الْأُصُولِ وَلَا رِوَايَةً مِنْهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ فِي (فَيَسُبَّ) لِلسَّبَبِيَّةِ كَاللَّامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ} [القصص: ٨] قَالَ الْمَالِكِيُّ: يَجُوزُ فِي (فَيَسُبَّ) الرَّفْعُ بِاعْتِبَارِ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ، وَالنَّصْبُ بِاعْتِبَارِ جَعْلِ (فَيَسُبَّ) جَوَابًا لِلْفِعْلِ، فَإِنَّهَا مِثْلُ لَيْتَ فِي اقْتِضَائِهَا جَوَابًا مَنْصُوبًا. نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى - أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: ٣ - ٤] نَصَبَهُ عَاصِمٌ وَرَفَعَهُ الْبَاقُونَ اهـ كَلَامُهُ. قِيلَ: بِالنَّصْبِ أَوْلَى لِمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ الْمَعْنَى لَعَلَّهُ يَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ لِذَنْبِهِ الْغُفْرَانَ لِيَصِيرَ مُزَكًّى، فَيَتَكَلَّمُ بِمَا يَجْلِبُ الذَّنْبَ فَيَزِيدُ الْعِصْيَانُ فَكَأَنَّهُ سَبَّ نَفْسَهُ. اهـ.
وَلَا يَبَعُدُ أَنْ يَسُبَّ نَفْسَهُ حَقِيقَةً، مَعَ أَنَّ ارْتِكَابَ الْعِصْيَانِ وَلَوْ حَالَ نُعَاسِهِ أَعْظَمُ مِنْ سَبِّ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَأَسَاسِهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute