وَاطْلُبُوا سَبِيلَ السَّدَادِ مِنَ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، (" وَقَارِبُوا ") ، أَيِ: الْأَمْرَ بِالسُّهُولَةِ وَلَا تُبَاعِدُوهُ بِالْكُلْفَةِ وَالصُّعُوبَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، يَعْنِي: إِذَا بَيَّنْتُ لَكُمْ مَا فِي الْمُشَادَّةِ مِنَ الْوَهَنِ فَسَدِّدُوا، أَيِ: اطْلُبُوا السَّدَادَ وَهُوَ الْقَصْدُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي لَا مَيْلَ فِيهِ، (وَقَارِبُوا) تَأْكِيدٌ لِلتَّسْدِيدِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، يُقَالُ: قَارَبَ فُلَانٌ فِي أُمُورِهِ: إِذَا اقْتَصَدَ (" وَأَبْشِرُوا ") ، أَيْ: بِالْجَنَّةِ وَالسَّلَامَةِ وَبِكُلِّ نِعْمَةٍ وَكَرَامَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْجَزِيلَ عَلَى عَمَلِ الْقَلِيلِ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ، وَجَاءَ فِي لُغَةٍ: ابْشُرُوا بِضَمِّ الشِّينِ مِنَ الْبِشْرِ بِمَعْنَى الْإِبْشَارِ. (" وَاسْتَعِينُوا ") : عَلَى أَمْرِ الْعِبَادَاتِ مِنْ بَيْنِ الْأَوْقَاتِ (" بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ ") : بِالْفَتْحِ وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ فِيهِمَا، وَبِضَمِّ الْكَلِمَةِ الْأُولَى، أَيْ: بِالسَّيْرِ فِي السُّلُوكِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَهُمَا زَمَانُ الرَّاحَاتِ وَالْغَفَلَاتِ، (" وَشَيْءٍ ") : وَبِشَيْءٍ وَلَوْ قَلِيلٍ (" مِنَ الدُّلْجَةِ ") : بِضَمِّ الدَّالِّ وَتُفْتَحُ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ: آخِرُ اللَّيْلِ، وَهُوَ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ وَأَكْمَلُ الْحَالَاتِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْغُدْوَةُ بِالضَّمِّ: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْغَدْوَةِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ مِنَ الْغُدُوِّ، وَهُوَ سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ نَقِيضُ الرَّوَاحِ، وَالدُّلْجَةُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ اسْمٌ مِنِ ادَّلَجَ بِالتَّشْدِيدِ: إِذَا سَارَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ اسْتُعِيرَتْ هَذِهِ الْأَوْقَاتُ لِلصَّلَاةِ فِيهَا. اهـ.
وَقِيلَ: الدُّلْجَةُ مِنَ الْإِدْلَاجِ بِسُكُونِهِ، وَهُوَ سَيْرُ أَوَّلِ اللَّيْلِ، فَالْمُرَادُ بِهِ إِحْيَاءُ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَهُوَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ، أَوِ الْمَعْنَى: اسْتَعِينُوا بِالطَّاعَةِ عَلَى تَحْصِيلِ الْجَنَّةِ، وَالْمَثُوبَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَالِاسْتِرَاحَةِ فِي غَيْرِهَا حَتَّى لَا تَكْسَلُوا وَلَا تَتْعَبُوا وَلَا تَمَلُّوا وَلَا تَخْلُوا، وَقِيلَ: اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ، وَاسْتِنْجَاحِ مَقَاصِدِكُمْ بِالصَّلَاةِ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ: إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ بِرِفْقٍ وَلَا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ، أَيِ: الْمُكَلِّفُ دَابَّتَهُ طَاقَتَهَا لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى. اهـ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْمُنْبَتُّ الَّذِي انْقَطَعَ بِهِ فِي سَفَرِهِ وَعَطَبَتْ رَاحِلَتُهُ، وَالْفِعْلُ انْبَتَّ مُطَاوِعُ بَتَّ مِنَ الْبَتِّ: الْقَطْعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute