(قَالَ عُمَرُ: نَعِمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) ، أَيِ: الْجَمَاعَةُ الْكُبْرَى لَا الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ أَصْلِهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: يُرِيدُ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ، فَإِنَّهُ فِي حَيِّزِ الْمَدْحِ ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَتَحْرِيضٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَكُنْ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَدْ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا قَطَعَهَا إِشْفَاقًا مِنْ أَنْ تُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ عُمَرُ مِمَّنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا وَسَنَّهَا عَلَى الدَّوَامِ، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (وَالَّتِي) ، أَيِ: الصَّلَاةُ الَّتِي (تَنَامُونَ عَنْهَا) ، أَيْ: مُعْرِضِينَ (أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ) ، أَيْ: بِهَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: تَنْبِيهٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ، وَقَدْ أَخَذَ بِهَا أَهْلُ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَهَا بَعْدَ أَنْ يَنَامُوا، قُلْتُ: لَعَلَّهُمْ كَانُوا فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ كَذَا، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَجَمَاعَاتُهُمْ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَفِي كَلَامِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِيمَاءٌ إِلَى عُذْرِهِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ. (يُرِيدُ) ، أَيْ عُمَرُ (آخِرَ اللَّيْلِ) : وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الرُّوَاةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَكَانَ النَّاسُ) ، أَيْ: أَكْثَرُهُمْ (يَقُومُونَ أَوَّلُهُ) : وَبِالضَّرُورَةِ يَنَامُونَ آخِرَهُ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute