للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَرَبُوا فِيهَا إِلَى الْبَرَارِي. وَأَوَّلُ حُدُوثِ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ: وَقَدْ جَعَلَهَا جَهَلَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ مَعَ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا شَبَكَةً لِجَمْعِ الْعَوَامِّ، وَطَلَبًا لِرِيَاسَةِ التَّقَدُّمِ، وَتَحْصِيلِ الْحُطَامِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ اللَّهُ أَئِمَّةَ الْهُدَى فِي سَعْيِ إِبْطَالِهَا، فَتَلَاشَى أَمْرُهَا، وَتَكَامَلَ إِبْطَالُهَا فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ فِي أَوَائِلِ سِنِي الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ، قُلْتُ: يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوهُ لِمَا يُقَارِنُهُ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، قَالَ تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى - عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق: ٩ - ١٠] وَالْعَجَبُ مِنِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ نَازَعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمَالَ إِلَى نَدْبِ تِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَرْوِيَّةِ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ لَهُ أَوَّلًا أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ رِوَايَتُهَا وَلَا ذِكْرُهَا، إِلَّا مَعَ بَيَانِ حَالِهَا، قِيلَ: وَأَوَّلُ حُدُوثِ الْوَقِيدِ مِنَ الْبَرَامِكَةِ كَانُوا عَبْدَةَ النَّارِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا أَدْخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مَا يُمَوِّهُونَ أَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الدِّينِ، وَمَقْصُودُهُمْ عِبَادَةُ النِّيرَانِ، حَيْثُ رَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى تِلْكَ النِّيرَانِ، وَلَمْ يَأْتِ فِي الشَّرْعِ اسْتِحْبَابُ زِيَادَةِ الْوَقِيدِ عَلَى الْحَاجَةِ فِي مَوْضِعٍ، وَمَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْحُجَّاجِ مِنَ الْوَقِيدِ بِجَبَلِ عَرَفَاتٍ وَبِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَبِمِنًى، فَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

وَقَدْ أَنْكَرَ الطَّرْسُوسِيُّ الِاجْتِمَاعَ لَيْلَةَ الْخَتْمِ فِي التَّرَاوِيحِ وَنَصْبَ الْمَنَابِرِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، قُلْتُ: رَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَفْطَنَهُ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، حَتَّى فِي لَيَالِي الْخَتْمِ يَحْصُلُ اجْتِمَاعٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّغَارِ وَالْعَبِيدِ مَا لَا يَحْصُلُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْكُسُوفِ وَالْعِيدِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ الْعَدِيدُ، وَمُنْكَرَاتُ الْجَدِيدِ، وَيَسْتَقْبِلُونَ النَّارَ، وَيَسْتَدْبِرُونَ بَيْتَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ، وَيَقِفُونَ عَلَى هَيْئَةِ عَبدَةِ النِّيرَانِ فِي نَفْسِ الْمَطَافِ، حَتَّى يَضِيقَ عَلَى الطَّائِفِينَ الْمَكَانُ وَيُشَوِّشُونَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الذَّاكِرِينَ وَالْمُصَلِّينَ وَقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْغُفْرَانَ وَالرِّضْوَانَ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>