أَرَدْتُ التَّأْذِينَ (قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ) : نَفْلًا قَبْلَ الْأَذَانِ، وَالْأَظْهَرُ مَا أَذَّنْتُ إِلَّا صَلَّيْتُ قَبْلَ الْإِقَامَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ قَابِلٌ لِاسْتِثْنَاءِ الْمَغْرِبِ ; إِذْ مَا مِنْ عَامٍّ إِلَّا وَخُصَّ، وَإِنْ خُصَّ هَذَا الْعَامُّ أَيْضًا، (وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ) ، أَيْ: حَقِيقِيٌّ أَوْ حُكْمِيٌّ. (قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهُ) ، أَيْ: بَعْدَ حُدُوثِ ذَلِكَ الْحَدَثِ، وَفِي إِيثَارِ (عِنْدَهُ) عَلَى بَعْدِهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى مُدَاوَمَةِ الطَّهَارَةِ. (وَرَأَيْتُ) : عَطْفٌ عَلَى تَوَضَّأُتُ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ: ظَنَنْتُ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: اعْتَقَدْتُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّأْيِ، أَيِ اخْتَرْتُ. (أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ) : شُكْرًا لَهُ تَعَالَى عَلَى إِزَالَةِ الْأَذِيَّةِ وَتَوْفِيقِ الطَّهَارَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: كِنَايَةٌ عَنْ مُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهِمَا اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَعَلَهُمَا نَذْرًا عَلَى نَفْسِهِ.
(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِهِمَا) ، أَيْ: بِهِمَا نِلْتَ مَا نِلْتَ أَوْ عَلَيْكَ بِهِمَا، قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا قِيلَ بِهَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ إِلَى الْقَرِيبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَهُمَا دَوَامُ الطَّهَارَةِ وَتَمَامُهَا بِأَدَاءِ شُكْرِ الْوُضُوءِ، فَيُوَافِقُ الْحَدِيثَ السَّابِقَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الصَّلَاةِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ، وَالصَّلَاةِ بَعْدَ كُلِّ طَهَارَةٍ، أَوْ إِلَى الصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ، وَمَجْمُوعِ دَوَامِ الْوُضُوءِ، وَشُكْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute