للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

١٣٤١ - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كُلَّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَصَرَ الصَّلَاةَ وَأَتَمَّ» . رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ".

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

١٣٤١ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُلَّ) : بِالنَّصْبِ وَيُرْفَعُ (ذَلِكَ) : إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ مِنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ سَائِلٍ عَنْهُمَا، وَكُلَّ مَفْعُولُ قَوْلِهِ: (قَدْ فَعَلَ) : أَوْ مُبْتَدَأٌ عَلَى حَذْفِ الْعَائِدِ، أَيْ: كُلُّ ذَلِكَ فَعَلَهُ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْإِشَارَةُ إِلَى أَمْرٍ مُبْهَمٍ لَهُ شَأْنٌ لَا يُدَرَى إِلَّا بِتَفْسِيرِهِ، وَهُوَ قَوْلُهَا: (قَصَرَ الصَّلَاةَ وَأَتَمَّ) ، أَيْ: قَصَرَ الرُّبَاعِيَّةَ فِي السَّفَرِ وَأَتَمَّهَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْإِتْمَامِ عَلَى مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ فِي السَّفَرِ، أَوْ مَعْنَى الْإِتْمَامِ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْوَضْعِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُنْقِصْهُ لِمَا وَرَدَ: أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا فِي السَّفَرِ، وَزِيدَتْ فِي الْحَضَرِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، فَيَكُونُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَبِهَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى جَوَازِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ الْإِتْمَامُ بَلْ يَأْثَمُ. (رَوَاهُ) ، أَيْ: صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ. وَفِي سَنَدِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى اهـ. فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ لَا يَتِمُّ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ النَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ، وَالْبَيْهَقِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ رَمَضَانَ، فَأَفْطَرَ وَصُمْتُ، وَقَصَّرَ وَأَتْمَمْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَصَّرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ، قَالَ: " أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ " وَمَا عَابَ عَلَيَّ» ، وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عُمْرَةُ رَمَضَانَ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ عُمْرَةَ رَمَضَانَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ إِلَّا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كُلُّهُنَّ فِي الْقِعْدَةِ، نَعَمْ أَعْمَالُ الْعُمْرَةِ الَّتِي مَعَ حِجَّتِهِ كَانَتْ فِي الْحِجَّةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَصَحُّ مِنْ خَبَرِهَا أَيْضًا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَهَا " أَحْسَنْتِ "، أَيْ: فَعَلْتِ فِعْلًا جَائِزًا إِذْ لَا يَحْسُنُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِحْسَانِ الْمُخَالِفِ لِفِعْلِهِ الَّذِي هُوَ الْقَصْرُ الْأَفْضَلُ مِنَ الْإِتْمَامِ بِالْإِجْمَاعِ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْهَا، كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُقَصِّرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ الدَّرَاقُطْنِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، فَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ الْإِتْمَامُ فِي السَّفَرِ، أَوْ فِعْلُهُ أَحْيَانًا بِالْبَيَانِ الْجَوَازُ، أَوْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لِقَصْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي سَفَرِهِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ اتِّفَاقًا، كَمَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>