آخَرِ وَقْتِهِ (حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ) ، أَيْ لِقُرْبِهِ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، (وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلَ ذَلِكَ) ، أَيْ: يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) ، أَيْ: فِي الْمَنْزِلِ كَمَا سَبَقَ، (وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ) : وَفِي تُفِيدُ النُّزُولَ لِلْعِشَاءِ إِشَارَةً إِلَى مَا قُلْنَا: (ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ) .
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي تَقْدِيمِ الْوَقْتِ حَدِيثٌ قَائِمٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ، فَهَذَا شَهَادَةٌ بِضَعْفِ الْحَدِيثِ، وَعَدَمِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَبَطَلَ بِهِ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إِنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي هِيَ نَصٌّ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا فِي جَوَازِ جَمْعَيِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَلَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ فِعْلِهَا فِيهِ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَأَنَّهُ تَرَكَ جَمْعَ عَرَفَةَ لِشُهْرَتِهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّنَزُّلِ فِي ثُبُوتِ الْمُعَارِضِ يَتَرَجَّحُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِزِيَادَةِ الرَّاوِي، وَبِأَنَّهُ أَحْفَظُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute