للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِجَرْيِهِ كَالدَّمِ فِي الْأَعْضَاءِ شَبَّهَ سَرَيَانَ كَيْدِهِ، وَجَرَيَانَ وَسَاوِسِهِ فِي الْإِنْسَانِ بِجَرَيَانِ دَمِهِ فِي عُرُوقِهِ، وَجَمِيعِ أَعْضَائِهِ، فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ إِغْوَاءِ الْإِنْسَانِ، وَإِضْلَالِهِ تَمَكُّنًا تَامًّا، وَتَصَرُّفِهِ فِيهِ تَصَرُّفًا كَامِلًا بِوَاسِطَةِ نَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ النَّاشِئِ قُوَاهَا مِنَ الدَّمِ، وَلَقَدْ صَدَقَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ حَيْثُ قَالَ: الشَّيْطَانُ فَارِغٌ، وَأَنْتَ مَشْغُولٌ، وَهُوَ يَرَاكَ، وَأَنْتَ لَا تَرَاهُ، وَأَنْتَ تَنْسَى الشَّيْطَانَ، وَهُوَ لَا يَنْسَاكَ، وَمِنْ نَفْسِكَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْكَ عَوْنٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: ٦] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: ٢٢] ) أَوِ اسْمٌ مَكَانَ ظَرْفٍ لِيَجْرِيَ، وَمِنَ الْإِنْسَانِ حَالٌ مِنْهُ أَيْ: يَجْرِي فِي الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ كَائِنًا مِنَ الْإِنْسَانِ، أَوْ بَدَلُ الْبَعْضِ مِنَ الْإِنْسَانِ، أَيْ: يَجْرِي فِي الْإِنْسَانِ حَيْثُ يَجْرِي فِيهِ الدَّمُ، أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْإِنْسَانِ مَا جَرَى دَمُهُ فِي عُرُوقِهِ أَيْ: مَا دَامَ حَيًّا، وَقِيلَ: يَجُوزُ إِرَادَةُ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ قَادِرَةٌ بِأَقْدَارِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَمَالِ التَّصَرُّفِ ابْتِلَاءً لِلْبَشَرِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَةَ عَنْ صَفِيَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>