فَسُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ، هَذَا مَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ نَقْلًا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِأَرْضٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالرِّقَاعِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ فِيهِ جَبَلًا بَعْضُهُ أَحْمَرُ، وَبَعْضُهُ أَبْيَضُ، وَبَعْضُهُ أَسْوَدُ. قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ. قَالَ السَّيِّدُ: وَقَوْلُ جَابِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْ: كَمَا سَيَأْتِي " وَحَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ " يُشْعِرُ بِأَنَّهُ اسْمُ مَكَانٍ بِعَيْنِهِ، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أُطْلِقَ اسْمُ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ اهـ.
(صَلَاةَ الْخَوْفِ) : مَفْعُولُ (صَلَّى) ، (أَنَّ طَائِفَةً) قَالَ الطِّيبِيُّ: مُتَعَلِّقٌ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عَمَّنْ أَيْ: رُوِيَ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ طَائِفَةً. (صَفَّتْ مَعَهُ) أَيْ: لِلصَّلَاةِ. (وَطَائِفَةً) : بِالنَّصْبِ لِلْعَطْفِ، وَقِيلَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَيْ: وَطَائِفَةٌ أُخْرَى. (وِجَاهَ الْعَدُوِّ) : بِكَسْرِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا، أَيْ: حِذَاءَهُمْ وَقُبَالَتَهُمْ، وَنَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: صِفَةٌ لِطَائِفَةٍ أَيْ: وَطَائِفَةٌ صَفَّتْ مُقَابِلَ الْعَدْوِ. وَفِي النِّهَايَةِ: " وِجَاهَ " بِكَسْرِ الْوَاوِ وَيُضَمُّ. وَفِي رِوَايَةٍ تِجَاهَ الْعَدْوِ فَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، مِثْلُهَا فِي تُقَاةٍ وَتُخَمَةٍ. (فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ) أَيْ: لَمَّا قَامَ. (ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ هَؤُلَاءِ الْمُقْتَدُونَ بِهِ اهـ.
وَهُوَ مِمَّا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ نَقْلًا وَلَا عَقْلًا، مَعَ أَنَّهُ يَفُوتُهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ (ثُمَّ) أَيْ: بَعْدَ سَلَامِهِمُ (انْصَرَفُوا) أَيْ: إِلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ. (فَصَلَّوْا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى) أَيْ: وَهُوَ قَائِمٌ يَنْتَظِرُهُمْ فَاقْتَدَوْا بِهِ. (فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ) أَيْ: عَلَيْهِ. (مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ) أَيْ: لَمَّا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ. (ثَبَتَ جَالِسًا) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَامُوا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ. (وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ: مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ جَلَسُوا مَعَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. (ثُمَّ) أَيْ: بَعْدَ تَشَهُّدِهِمْ. (سَلَّمَ بِهِمْ) أَيْ: بِالطَّائِفَةِ الْأَخِيرَةِ، أَيْ: مَعَهُمْ لِيَحْصُلَ لَهُمْ فَضِيلَةُ التَّسْلِيمِ مَعَهُ، كَمَا حَصَلَ لِلْأَوَّلِينَ فَضِيلَةُ التَّحْرِيمِ مَعَهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَبِالْأَوَّلِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
(وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ) قَالَ مِيرَكُ: وَمُسْلِمٌ، وَالْأَرْبَعَةُ أَيْضًا. (بِطَرِيقٍ آخَرَ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ) أَيْ: نَحْوَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ. (عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قُلْتُ: وَمَعَ وُجُودِ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ كَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِيمَا سَبَقَ: إِنَّ الْمُبْهَمَ هُوَ أَبُوهُ عَلَى الْوَجْهِ الرَّجِيحِ؟ ! قَالَ السَّيِّدُ: وَأَبُو حَثْمَةَ هَذَا كَانَ دَلِيلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أُحُدٍ، وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ بَعْدَهَا، وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَارِصًا لِخَيْبَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute