٧٧ - وَعَنْ عُثْمَانِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي، وَبَيْنَ قِرَاءَتِي يُلَبِّسُهَا عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزِبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، وَاتْفُلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا) فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي» . رَوَاهُ مَسْلِمٌ.
ــ
٧٧ - (وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ) : هُوَ الثَّقَفِيُّ، اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الطَّائِفِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَخِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، ثُمَّ عَزَلَهُ عُمَرُ، وَوَلَّاهُ عُمَانَ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَكَانَ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ، وَهُوَ أَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَلَهُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَذَلِكَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَسَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَلَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَزَمَتْ ثَقِيفٌ عَلَى الرِّدَّةِ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ ثَقِيفٍ كُنْتُمْ آخِرَ النَّاسِ إِسْلَامًا فَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ النَّاسِ رِدَّةً فَامْتَنَعُوا عَنِ الرِّدَّةِ. رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ( «قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي، وَبَيْنَ صَلَاتِي، وَبَيْنَ قِرَاءَتِي» ) أَيْ: يَمْنَعُنِي مِنَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ مِنَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ بِدَلِيلِ تَثْلِيثِ التَّفْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ، وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ غَيْرَ مُتَوَالِيَاتٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ التَّفْلِ وَالتَّعَوُّذِ عَلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَالْمَعْنَى جَعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَ كَمَالِهِمَا حَاجِزًا مِنْ وَسْوَسَتِهِ الْمَانِعَةِ مِنْ رُوحِ الْعِبَادَةِ، وَسِرِّهَا، وَهُوَ الْخُشُوعُ وَالْخُضُوعُ (يُلَبِّسُهَا عَلَيَّ) : بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبَالَغَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ ظَاهِرَةٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَكَسْرِ ثَالِثِهِ أَيْ: يَخْلِطُ، وَيُشَكِّكُنِي فِيهَا أَيْ: فِي الصَّلَاةِ أَوِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ حَالَ، وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ذَاكَ شَيْطَانٌ) أَيِ: الْمُلَبِّسُ أَيْ: خَاصٌّ مِنَ الشَّيَاطِينِ لَا رَئِيسُهُمْ (يُقَالُ لَهُ خِنْزِبٌ) : بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ، ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ زَايٍّ مَكْسُورَةٍ، أَوْ مَفْتُوحَةٍ. كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ، وَهُوَ مِنَ الْأَوْزَانِ الرُّبَاعِيَّةِ كَزِبْرِجٍ، وَدِرْهَمٍ، وَيُقَالُ أَيْضًا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالزَّايِ، حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَنَظِيرُهُ جَعْفَرٌ، وَيُقَالُ أَيْضًا بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَصِحُّ فَتْحُ الْخَاءِ مَعَ ضَمِّ الزَّايِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْوَزْنُ فِي الرُّبَاعِيِّ الْمُجَرَّدِ، وَلَيْسَ فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْجَرِيءُ عَلَى الْفُجُورِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنَ الْقَامُوسِ. (فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ) أَيْ: أَدْرَكْتَهُ وَعَلِمْتَهُ (فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ) : فَإِنَّهُ لَا خَلَاصَ مِنْ وَسْوَسَتِهِ إِلَّا بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، وَحِفْظِهِ وَمَعُونَتِهِ (وَاتْفُلْ) : بِضَمِّ الْفَاءِ، وَيُكْسَرُ (عَلَى يَسَارِكَ) أَيْ: عَنْ يَسَارِكَ كَمَا فِي نُسْخَةٍ إِشَارَةً إِلَى التَّنَفُّرِ، وَالتَّبَعُّدِ عَنِ الْوَسْوَسَةِ الَّتِي تَجُرُّ إِلَى كِتَابَةِ صَاحِبِ الْيَسَارِ، أَوْ إِلَى طَرِيقَةِ أَصْحَابِ الشِّمَالِ (ثَلَاثًا) أَيْ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِزِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمُبَاعَدَةِ (فَفَعَلْتُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنَ التَّعَوُّذِ، وَالتَّفْلِ (فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ) أَيِ: الْوَسْوَاسَ (عَنِّي) : بِبَرَكَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute