١٤٥٥ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٤٥٥ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً) : وَهِيَ الْكَبِيرَةُ بِالسِّنِّ، فَمِنَ الْإِبِلِ الَّتِي تَمَّتْ لَهَا خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّادِسَةِ، وَمِنَ الْبَقَرِ الَّتِي تَمَّتْ لَهَا سَنَتَانِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ، وَمِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مَا تَمَّتْ لَهَا سَنَةٌ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. (إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ) أَيْ: يَصْعُبَ. (عَلَيْكُمْ) أَيْ: ذَبْحُهَا، بِأَنْ لَا تَجِدُوهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَالظَّاهِرُ أَيْ: يَعْسُرُ عَلَيْكُمْ أَدَاءُ ثَمَنِهَا. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ) بِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: الْجَذَعَةُ لَا تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى مُسِنَّةٍ، وَمَنْ قَالَ بِجَوَازِهِ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ.
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «نِعْمَتِ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ» وَرَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: «ضَحُّوا بِالْجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ» . (فَذَبَحُوا جَذَعَةً) : بِفَتْحَتَيْنِ. (مِنَ الضَّأْنِ) : بِالْهَمْزِ وَيُبْدَلُ وَيُحَرَّكُ خِلَافَ الْمَعْزِ مِنَ الْغَنَمِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ قَبْلَ السَّنَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، لَكِنْ يُقَيَّدُ بِأَنَّهَا تَكُونُ بِنْتَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تُشْبِهُ مَا لَهَا سَنَةٌ لِعِظَمِ جُثَّتِهَا. وَفِي النِّهَايَةِ: الْجَذَعُ مِنْ أَسْنَانِ الدَّوَابِّ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْهَا شَابًّا فَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي الْمُسِنَّةِ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ، وَمِنَ الضَّأْنِ مَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ، وَقِيلَ: أَقَلُّ مِنْهَا، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ إِلَّا الثَّنِيُّ، وَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ مَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ سِنِينَ، وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْمَعْزِ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَطَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ، وَأَمَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى جَوَازِهِ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّأْنِ إِلَّا الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا وَرَدَ: «نِعْمَتِ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ» اهـ.
لَكِنَّ قَوْلَهُ: الْمَعْزُ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ مَخْصُوصٌ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَفِي التَّعْبِيرِ بِالِاتِّفَاقِ تَخَالُفٌ. قَالَ فِي الْأَزْهَارِ: النَّهْيُ فِي قَوْلِهِ: لَا تَذْبَحُوا لِلْحُرْمَةِ فِي الْإِجْزَاءِ، وَلِلتَّنْزِيهِ فِي الْعُدُولِ إِلَى الْأَدْنَى، وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْحَدِيثِ بِدَلِيلِ. (إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ) وَالْعُسْرُ قَدْ يَكُونُ لِغَلَاءِ ثَمَنِهَا، وَقَدْ يَكُونُ لِفَقْدِهَا وَعِزَّتِهَا، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ الْحَمْلُ وَالْحَثُّ عَلَى الْأَكْمَلِ وَالْأَفْضَلِ، وَهُوَ الْإِبِلُ، ثُمَّ الْبَقَرُ، ثُمَّ الضَّأْنُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّرْتِيبَ وَالشَّرْطَ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: الْمُرَادُ بِالْمُسِنَّةِ هُنَا الْبَقَرَةُ فَقَطْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا مُخَصِّصَ لَهَا، ذَكَرَهُ السَّيِّدُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَانَ مُقْتَضَى عَادَتِهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَيَقُولَ: رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute