١٤٦٣ - «وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَأَلَّا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا شَرْقَاءَ وَلَا خَرْقَاءَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَانْتَهَتْ رِوَايَتُهُ إِلَى قَوْلِهِ: وَالْأُذُنَ.
ــ
١٤٦٣ - (وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ) : بِضَمِّ الذَّالِ وَيُسَكَّنُ أَيْ: نَنْظُرَ إِلَيْهِمَا، وَشَامِلٌ فِي سَلَامَتِهِمَا مِنْ آفَةٍ تَكُونُ بِهِمَا، كَالْعَوَرِ وَالْجَدَعِ، قِيلَ: وَالِاسْتِشْرَافُ إِمْعَانُ النَّظَرِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ وَضْعُ يَدِكَ عَلَى حَاجِبِكَ كَيْلَا تَمْنَعَكَ الشَّمْسُ مِنَ النَّظَرِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّرَفِ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى شَيْءٍ أَشْرَفَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الِاسْتِشْرَافُ الِاسْتِكْشَافُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الشُّرْفَةِ، وَهِيَ خِيَارُ الْمَالِ، أَيْ: أَمَرَنَا أَنْ نَتَخَيَّرَهُمَا أَيْ: نَخْتَارَ ذَاتَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ الْكَامِلَتَيْنِ. (وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ) : بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ: الَّتِي قُطِعَ مِنْ قِبَلِ أُذُنِهَا شَيْءٌ، ثُمَّ تُرِكَ مُعَلَّقًا مِنْ مُقَدَّمِهَا. (وَلَا مُدَابَرَةٍ) وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ دُبُرِهَا، وَتُرِكَ مُعَلَّقًا مِنْ مُؤَخَّرِهَا. (وَلَا شَرْقَاءَ) بِالْمَدِّ أَيْ: مَشْقُوقَةِ الْأُذُنِ طُولًا مِنَ الشَّرَقِ، وَهُوَ الشَّقُّ، وَمِنْهُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّ فِيهَا تُشَرَّقُ لُحُومُ الْقَرَابِينِ. (وَلَا خَرْقَاءَ) بِالْمَدِّ أَيْ: مَثْقُوبَةِ الْأُذُنِ ثُقْبًا مُسْتَدِيرًا، وَقِيلَ: الشَّرْقَاءُ مَا قُطِعَ أُذُنُهَا طُولًا، وَالْخَرْقَاءُ: مَا قُطِعَ أُذُنُهَا عَرْضًا، قَالَ الْمُظْهِرُ: لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِشَاةٍ قُطِعَ بَعْضُ أُذُنِهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ إِذَا قُطِعَ أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ، وَلَا بَأْسَ بِمَكْسُورِ الْقَرْنِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ الْوَجْهُ ; لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ كُلَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَضْبَاءِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ» . قَالَ قَتَادَةُ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مَا عَضْبَاءُ الْأُذُنِ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ النِّصْفُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مَقْطُوعًا اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُجْزِئُ مَا قُطِعَ دُونَ نِصْفِ أُذُنِهِ، وَهُوَ تَحْدِيدٌ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ فَهُوَ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ قِلَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى أَدِلَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَإِلَّا فَالْمُجْتَهِدُ أَسِيرُ الدَّلِيلِ.
فَإِذَا لَمْ تَرَ الْهِلَالَ فَسَلِّمْ لِأُنَاسٍ رَأَوْهُ بِالْأَبْصَارِ
وَحَاصِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَقْطُوعُ الْأُذُنِ كُلِّهَا أَوْ أَكْثَرِهَا، وَلَا مَقْطُوعُ النِّصْفِ خِلَافَ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً، وَلَا مَقْطُوعُ الذَّنَبِ وَالْأَنْفِ وَالْإِلْيَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْأُذُنِ، وَلَا الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا، وَلَا الذَّاهِبَةُ ضَوْءُ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ ; لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَنْقُصَ رَعْيُهَا ; إِذْ لَا تُبْصِرُ أَحَدَ شِقَّيِ الْمَرْعَى، وَلَا الْعَجْمَاءُ الَّتِي لَا مُخَّ لَهَا وَهِيَ الْهَزِيلَةُ، وَلَا الْعَرْجَاءُ الَّتِي لَا تُنْسَبُ إِلَى الْمَنْسَكِ، وَلَا الْمَرِيضَةُ الَّتِي لَا تَعْتَلِفُ، وَلَا الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا بِحَيْثُ لَا تَعْتَلِفُ، وَلَا الْجَلَّالَةُ، وَيَجُوزُ الَّتِي شُقَّتْ أُذُنُهَا طُولًا، أَوْ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا، وَهِيَ مُتَدَلِّيَةٌ أَوْ مِنْ خَلْفِهَا، فَالنَّهْيُ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ، مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يُبَالُوا بِتَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ) لَهُ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: ذَهَبَ الْأَرْبَعَةُ أَنْ تُجْزِئَ الشَّرْقَاءُ وَهِيَ الَّتِي شُقَّتْ أُذُنُهَا، وَالْخَرْقَاءُ وَهِيَ الْمَثْقُوبَةُ الْأُذُنِ مِنْ كَيٍّ أَوْ غَيْرِهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ) نَقَلَهُ مِيْرَكُ. (وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَانْتَهَتْ رِوَايَتُهُ) أَيْ: رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ. (إِلَى قَوْلِهِ: وَالْأُذُنَ) بِالنَّصْبِ حِكَايَةً وَهِيَ الْأَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute