للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَيَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى انْجَلَتْ - مُنَافَاةً لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ: لَوْ تَمَادَى الْكُسُوفُ لَمْ يُكَرِّرْ صَلَاتَهُ، وَلَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى رُكُوعَيْنِ مُطْلَقًا، كَمَا لَا يَنْفَصُّ عَنْهُمَا إِنْ نَوَاهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ الِانْجِلَاءُ. وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَالْبُخَارِيُّ: بِأَنَّهُ لَا مَسَاغَ لِحَمْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ إِذَا تَعَدَّدَتِ الْوَاقِعَةُ، وَهِيَ لَمْ تَتَعَدَّدْ ; لِأَنَّ مَرْجِعَهَا كُلَّهَا إِلَى صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ يَوْمَ مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ تَرْجِيحُ أَخْبَارِ الرُّكُوعَيْنِ فَقَطْ ; لِأَنَّهَا أَصَحُّ وَأَشْهَرُ.

قُلْتُ: بَلْ يَجِبُ تَرْجِيحُ أَخْبَارِ الرُّكُوعِ فَقَطْ ; لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَقَدْ وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ قَوْلًا وَفِعْلًا كَمَا سَبَقَ، وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ مُضْطَرِبٌ مُخْتَلِفُ الْآثَارِ، ثُمَّ قَالَ: وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْجَامِعِينَ بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ كَابْنِ الْمُنْذِرِ، فَذَهَبُوا إِلَى تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ، وَحَمَلُوا الرِّوَايَاتِ فِي الزِّيَادَةِ وَالتَّكْرِيرِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ اهـ. وَفِيهِ: أَنَّ تَعَدُّدَ الْوَاقِعَةِ لَا يَثْبُتُ بِالتَّجَوُّزِ الْعَقْلِيِّ مِنْ دُونِ التَّثَبُّتِ النَّقْلِيِّ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>