(وَقَدِ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى) وَفِي رِوَايَةٍ: لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي. ( «حَتَّى انْجَلَتْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ» ) أَيْ: يَزْعُمُونَ كَمَا فِي رِوَايَةٍ. ( «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْخَسِفَانِ» ) وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَنْكَسِفَانِ. (إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَإِنَّ الشَّمْسَ) وَفِي رِوَايَةٍ: لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّ الشَّمْسَ. (وَالْقَمَرَ لَا يَنْخَسِفَانِ) .
وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَنْكَسِفَانِ. (لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ) أَيْ: لِوِلَادَتِهِ. (وَلَكِنَّهُمَا خَلِيقَتَانِ مِنْ خَلْقِهِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: مَخْلُوقَتَانِ نَاشِئَتَانِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَنَاوِلِ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ عَلَى التَّسَاوِي، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا فِي الْوُجُودِ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْخَلْقُ: النَّاسُ. وَالْخَلِيقَةُ: الْبَهَائِمُ، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يَعْنِي الْمَعْنَى الْأَعْظَمَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَنْسَبُ فِي هَذَا الْمَقَامِ ; لِأَنَّهُ رَدٌّ لِزَعْمِ مَنْ يَرَى أَثَرَهُمَا فِي هَذَا الْعَالَمِ بِالْكَوْنِ وَالْفَسَادِ، أَيْ: لَيْسَ كَمَا يَزْعُمُونَ، بَلْ هُمَا مُسَخَّرَانِ كَالْبَهَائِمِ دَائِبَانِ مَقْهُورَانِ تَحْتَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي هَذَا تَحْقِيرٌ لِشَأْنِهِمَا مُنَاسِبٌ لِهَذَا الْمَقَامِ كَتَحْقِيرِ الْمَلَائِكَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: ١٥٨] . (وَيُحْدِثُ اللَّهُ فِي خَلْقِهِ مَا شَاءَ) : وَفِي نُسْخَةٍ: مَا يَشَاءُ أَيْ: مِنَ الْكُسُوفِ وَالْكُشُوفِ، وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: مَا شَاءَ مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ إِلَى الْفَاعِلِ، وَمِنِ ابْتِدَائِيَّةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ اهـ. يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: مِنْ خَلْقِهِ. (فَأَيُّهُمَا انْخَسَفَ فَصَلُّوا) وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا بَدَأَ أَيْ: تَجَلَّى لِلشَّيْءِ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنَ الْمَكْتُوبَةِ. (حَتَّى يَنْجَلِيَ، أَوْ يُحْدِثَ اللَّهُ أَمْرًا) : تَفُوتُ بِهِ الصَّلَاةُ كَظُهُورِ الشَّمْسِ بِالِانْجِلَاءِ، وَبِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً، وَالْمَقَرُّ بِالِانْجِلَاءِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَظُهُورِ الصُّبْحِ، وَبِغُرُوبِهِ خَاسِفًا، أَوْ بِقِيَامِ السَّاعَةِ، أَوْ بِوُقُوعِ فِتْنَةٍ مَانِعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: غَايَةٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ: صَلُّوا مِنِ ابْتِدَاءِ الِانْخِسَافِ مُنْتَهِينَ إِمَّا إِلَى الِانْجِلَاءِ أَوْ إِحْدَاثِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرًا، وَهَذَا الْمُقَدَّرُ يَرْبُطُ الشَّرْطَ بِالْجَزَاءِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَائِدِ إِلَى الشَّرْطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute