١٥٠١ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ ! قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٥٠١ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَصَابَنَا) أَيْ: حَصَلَ لَنَا وَنَزَلَ عَلَيْنَا. (وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ أَوِ الْفَاعِلِ. (مَطَرٌ، قَالَ) أَيْ: أَنَسٌ. (فَحَسَرَ) أَيْ: (كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبَهُ) أَيْ: عَنْ بَدَنِهِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْأَظْهَرُ عَنْ رَأْسِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ: حَسَرَ ثَوْبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ. (حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ) : وَرَوَى الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ إِذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ: اقْرَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طُهْرًا فَنَتَطَهَّرُ مِنْهُ، وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهِ» ، وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَوَمَا قَرَأْتَ: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: ٩] فَأُحِبُّ أَنْ يَنَالَنِي مِنْ بَرَكَتِهِ. (فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ !) أَيْ: مَا الْحِكْمَةُ فِيهِ؟ (قَالَ: لِأَنَّهُ) أَيِ: الْمَطَرُ الْجَدِيدُ. ( «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» ) أَيْ: جَدِيدُ النُّزُولِ بِأَمْرِ رَبِّهِ، سَيَكُونُ كَالطِّفْلِ الصَّغِيرِ، وَالنَّبْتِ وَالزَّهْرِ فِي الرَّبِيعِ مَا اخْتَلَطَ بِالْمُخْتَلِطِينَ، وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ مُبَاشَرَةُ الْعَاصِينَ، أَوْ لِكَوْنِهِ نِعْمَةً مُجَدَّدَةً، وَلِذَا قِيلَ: لِكُلِّ جَدِيدٍ لَذَّةٌ، أَوْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ، وَالْقَاصِدِ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، فَيَجِبُ تَعْظِيمُهُ وَتَكْرِيمُهُ، أَوْ لِأَنَّ فِيهِ إِيمَاءً إِلَى قُرْبِ الْعَهْدِ مِنْ عَالَمِ الْعَدَمِ الَّذِي يَتَمَنَّاهُ الْخَائِفُونَ، وَيَنْتَهِي إِلَيْهِ السَّالِكُونَ الْفَانُونَ ; فَالْجِنْسِيَّةُ عِلَّةُ الضَّمِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ التُّورْبِشْتِيُّ: أَرَادَ أَنَّهُ قَرِيبٌ عَهْدُهُ بِالْفِطْرَةِ، وَأَنَّهُ هُوَ الْمَاءُ الْمُبَارَكُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْمُزْنِ سَاعَتَئِذٍ، فَلَمْ تَلْمَسْهُ الْأَيْدِي الْخَاطِئَةُ. وَلَمْ تُكَدِّرْهُ مُلَاقَاةُ أَرْضٍ عُبِدَ عَلَيْهَا غَيْرُ اللَّهِ، وَأَنْشَدَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ:
تَضُوعُ أَرْوَاحُ نَجْدٍ مِنْ ثِيَابِهِمُ ... عِنْدَ الْقُدُومِ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِالدَّارِ
قَالَ الْمُظْهِرُ: فِيهِ تَعْلِيمٌ لِأُمَّتِهِ أَنْ يَتَقَرَّبُوا وَيَرْغَبُوا فِيمَا فِيهِ خَيْرٌ وَبَرَكَةٌ اهـ، وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ ; لِأَنَّهُ يُسْتَجَابُ حِينَئِذٍ، كَمَا فِي خَبَرٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَآخَرَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ رُؤْيَةَ الْكَعْبَةِ كَذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ
) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute