وَمِنْهَا: أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - احْتَجَّ بِذَلِكَ بَعْدَ انْدِفَاعِ مَوَاجِبِ الْكَسْبِ مِنْهُ، وَارْتِفَاعِ أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ. وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّائِمَةَ كَانَتْ بَعْدَ سُقُوطِ الذَّنْبِ وَمُوجِبِ الْمَغْفِرَةِ. قِيلَ: مَذْهَبُ أَهْلِ الْجَبْرِ إِثْبَاتُ التَّقْدِيرِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَنَفْيُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَبْدِ أَصْلًا، وَالْمُعْتَزِلَةُ عَلَى خِلَافِهِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى شَرَفِ جُرُفٍ هَارٍ، وَالطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ الْقَصْدُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ إِذْ لَا يَجُوزُ إِسْقَاطُ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْقَدْرُ، وَلَا إِبْطَالُ الْكَسْبِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) : لِامْتِنَاعِ رَدِّ عِلْمَ اللَّهِ فِي حَقِّهِ حَيْثُ أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ إِنَّمَا خَلَقَهُ لِلْأَرْضِ، وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ فِي الْجَنَّةِ بَلْ إِنَّهُ يَنْقُلُهُ مِنْهَا إِلَى الْأَرْضِ لِيَكُونَ خَلِيفَتَهُ تَعَالَى فِيهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِعَادَتُهُ فَذْلَكَةٌ لِلتَّفْصِيلِ تَثْبِيتًا لِلْأَنْفُسِ عَلَى هَذَا الِاعْتِقَادِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: فَحَجَّ أَوَّلًا تَحْرِيرٌ لِلدَّعْوَى، وَثَانِيًا إِثْبَاتٌ لَهَا، فَالْفَاءُ فِي الْأَوَّلِ لِلْعَطْفِ، وَفِي الْأَخِيرِ لِلنَّتِيجَةِ اهـ. وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ فِي الْمَعْنَى. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute