للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥١٣ - وَعَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ "، وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ فَسَأَلَتْهُ، فَقَالَ: " لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ، كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: ٢٤] » ". وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: " رَحْمَةً ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

١٥١٣ - (وَعَنْهَا) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ. (قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ) أَيِ: اشْتَدَّ هُبُوبُهَا. (قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا) أَيْ: خَيْرَ ذَاتِهَا. (وَخَيْرَ مَا فِيهَا) أَيْ: مِنْ مَنَافِعِهَا كُلِّهَا. (وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ) أَيْ: بِخُصُوصِهَا فِي وَقْتِهَا، وَهُوَ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يُحْتَمَلُ الْفَتْحُ عَلَى الْخِطَابِ، وَشَرِّ مَا أَرْسِلَتْ، عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ ; لِيَكُونَ مِنْ قَبِيلِ: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ". قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا تَكَلُّفٌ بَعِيدٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، فَأُرْسِلَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ فِيهِمَا كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ أَوْ لِلْفَاعِلِ اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنَ احْتِمَالِ مَا قَالَهُ، مَعَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى ذَلِكَ الْمِنْوَالِ، فَيَكُونُ مُتَضَمِّنًا لِنُكْتَةٍ شَرِيفَةٍ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْأَذْوَاقِ وَالْأَحْوَالِ. (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ. وَكَتَبَ مِيرَكُ فَوْقَهُ: صَحَّ، إِشَارَةً إِلَى عَدَمِ الْخِلَافِ. (وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ) أَيْ: تَغَيَّمَتْ وَتَخَيَّلَ مِنْهَا الْمَطَرُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: السَّمَاءُ هُنَا بِمَعْنَى السَّحَابِ، وَتَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ إِذَا ظَهَرَ فِي السَّمَاءِ أَثَرُ الْمَطَرِ. وَفِي النِّهَايَةِ: وَمِنْهُ إِذَا رَأَى الْمَخِيلَةَ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ؛ الْمَخِيلَةُ: مَوْضِعُ الْخَيَالِ، وَهُوَ الظَّنُّ كَالْمَظِنَّةِ، وَهِيَ السَّحَابَةُ الْخَلِيقَةُ بِالْمَطَرِ. (تَغَيَّرَ لَوْنُهُ) : مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ، وَتَعْلِيمًا لَهُمْ فِي مُتَابَعَتِهِ. (وَخَرَجَ) : مِنَ الْبَيْتِ تَارَةً. (وَدَخَلَ) : أُخْرَى. (وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ) فَلَا يَسْتَقِرُّ فِي حَالٍ مِنَ الْخَوْفِ. (فَإِذَا) : وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ. (مَطَرَتْ) أَيِ: السَّحَابُ، يُقَالُ: مَطَرَتِ السَّمَاءُ وَأَمْطَرَتْ: بِمَعْنًى. (سُرِّيَ عَنْهُ) أَيْ: كُشِفَ الْخَوْفُ وَأُزِيلَ عَنْهُ. فِي النِّهَايَةِ: يُقَالُ: سَرَوْتُ الثَّوْبَ وَسَرَّيْتُهُ إِذَا خَلَعْتُهُ وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةُ، وَتَجْوِيزُ ابْنِ حَجَرٍ التَّخْفِيفَ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ. (فَعَرَفَتْ ذَلِكَ) أَيِ: التَّغَيُّرَ. (عَائِشَةُ، فَسَأَلَتْهُ) أَيْ: عَنْ سَبَبِهِ. (قَالَ: " لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ) : قِيلَ: لَعَلَّ هَذَا الْمَطَرَ، وَالظَّاهِرُ لَعَلَّ هَذَا السَّحَابَ. (كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ) : الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: مِثْلُ الَّذِي قَالَ فِي حَقِّهِ قَوْمُ عَادٍ: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: ٢٤] قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ أَيِ: السَّحَابَ. {عَارِضًا} [الأحقاف: ٢٤] أَيْ: سَحَابًا عَرَضَ: {مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} [الأحقاف: ٢٤] أَيْ: صَحَارِيهِمْ وَمَحَالِّ مَزَارِعِهِمْ. قَالُوا: ظَنَّا أَنَّهُ سَحَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: ٢٤] أَيْ: سَحَابٌ عَرَضَ لِيُمْطِرَ. قَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: ٢٤] أَيْ: مِنَ الْعَذَابِ: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: ٢٤] ، فَظَهَرَتْ مِنْهُ رِيحٌ فَأَهْلَكَتْهُمْ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْمَنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: " رَحْمَةً) : بِالنَّصْبِ، أَيِ: اجْعَلْهُ رَحْمَةً وَلَا عَذَابًا، وَبِالرَّفْعِ أَيْ: هَذِهِ رَحْمَةٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْجَزَرِيِّ فِي التَّصْحِيحِ حَيْثُ قَالَ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ ذَكَرَهُ مِيرَكُ. وَفِي الْحِصْنِ: إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: " «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>