وَأُخِّرَ فِي الذَّكَرِ تَرَقِّيًا، أَوْ إِشَارَةً إِلَى حُسْنِ الْخَاتِمَةِ (الْآيَةَ) " لَا يَخْفَى أَنَّ الْحُسْنَى رَأْسُ آيَةٍ، فَالْمُرَادُ بَعْدَهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا الْمُنَاسِبَةِ لَهَا، وَهِيَ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: ٧] : قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ أَيْ: فَسَنُهَيِّئُهُ لِلْخَلَّةِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى يُسْرٍ، وَرَاحَةٍ كَدُخُولِ الْجَنَّةِ، {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ} [الليل: ٨] أَيْ: مِمَّا أُمِرَ بِهِ {وَاسْتَغْنَى} [الليل: ٨] : بِشَهَوَاتِ الدُّنْيَا عَنْ نَعِيمِ الْعُقْبَى، {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل: ٩] أَيْ: بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: ١٠] أَيْ: لِلْخَلَّةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الْعُسْرِ وَالشِّدَّةِ كَدُخُولِ النَّارِ، وَفِي الْكَشَّافِ سَمَّى طَرِيقَ الْخَيْرِ بِالْيُسْرِ؛ لِأَنَّ عَاقِبَتَهُ الْيُسْرُ، وَطَرِيقَ الشَّرِّ بِالْعُسْرَى؛ لِأَنَّ عَاقِبَتَهُ الْعُسْرُ، وَفِي الْمَعَالِمِ فَسَنُيَسِّرُهُ أَيْ: نُهَيِّئُهُ فِي الدُّنْيَا لِلْيُسْرَى لِلْخَلَّةِ الْيُسْرَى، وَهُوَ الْعَمَلُ بِمَا يَرْضَاهُ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بِالنَّفَقَةِ فِي الْخَيْرِ، وَاسْتَغْنَى عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَرْغَبُ فِيهِ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: ١٠] . أَيْ: سَنُهَيِّئُهُ لِلشَّرِّ بِأَنْ نُجْرِيَهُ عَلَى يَدَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَ بِمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ، وَيَسْتَوْجِبَ بِهِ النَّارَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْسُرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَأْتِيَ خَيْرًا اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ؛ لِانْعِكَاسِهِ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنْهُ، فَالْمَدَارُ عَلَى مَا فِي الْمَعَالِمِ، وَالْكَشَّافِ، لَكِنَّ السِّينَ فِي الْآيَةِ تُحْمَلُ عَلَى مُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ لَا عَلَى الِاسْتِقْبَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute