١٦٠٣ - وَعَنِ ابْنِ قَتَادَةَ: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: مُسْتَرِيحٌ أَوْ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ؟ وَمَا الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ، وَالْبِلَادُ، وَالشَّجَرُ، وَالدَّوَابُّ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
١٦٠٣ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرَّ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ. (عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ) قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: الْكَسْرُ أَفْصَحُ. (فَقَالَ: " مُسْتَرِيحٌ) أَيْ: هُوَ مُسْتَرِيحٌ. (أَوْ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ، أَوْ لِلتَّرْدِيدِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ حَجْرٍ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ: لَا يَخْلُو الْمَيِّتُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ، يُرَادُ بِالْمَيِّتِ الْجِنْسُ اسْتِطْرَادًا، وَعَلَى الثَّانِي الْحَاضِرُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: اسْتَرَاحَ الرَّجُلُ وَأَرَاحَ إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ بَعْدَ الْإِعْيَاءِ. ( «فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ؟ وَمَا الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ» ) ؟ أَيْ: مَا مَعْنَاهَا أَوْ مَا بِمَعْنَى مَنْ. (فَقَالَ: " الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ) أَيْ: يَجِدُ الرَّاحَةَ بِالْمَوْتِ. (مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا) أَيْ: تَعَبِهَا بِالْأَعْمَالِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ الْكَوْنِيَّةِ التَّقْدِيرِيَّةِ. (وَأَذَاهَا) أَيْ: مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، أَوْ أَذَى أَهْلِهَا. (إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ) أَيْ: ذَاهِبًا وَاصِلًا إِلَيْهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ مَسْرُوقٌ: مَا غَبَطْتُ شَيْئًا بِشَيْءٍ كَمُؤْمِنٍ فِي لَحْدِهِ ; أَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَاسْتَرَاحَ مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أُحِبُّ الْمَوْتَ اشْتِيَاقًا إِلَى رَبِّي، وَأُحِبُّ الْمَرَضَ تَكْفِيرًا لِخَطِيئَتِي، وَأُحِبُّ الْفَقْرَ تَوَاضُعًا لِرَبِّي. (وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ) وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْكَافِرِ. (يَسْتَرِيحُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ شَرِّهِ. (الْعِبَادُ) مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حِينَ فَعَلَ مُنْكَرًا إِنْ مَنَعُوهُ آذَاهُمْ وَعَادَاهُمْ إِنْ سَكَتُوا عَنْهُ، أَضَرَّ بِدِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. (وَالْبِلَادُ) مِنَ الْعِمَارَاتِ وَالْفَلَوَاتِ. (وَالشَّجَرُ) أَيِ: النَّبَاتَاتُ. (وَالدَّوَابُّ) أَيِ: الْحَيَوَانَاتُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: اسْتَرَاحَ الْبِلَادُ وَالْأَشْجَارُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِفَقْدِهِ يُرْسِلُ السَّمَاءَ مِدْرَارًا، وَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَا حَبَسَ لِشُؤْمِهِ الْأَمْطَارَ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ الْحُبَارَى لَتَمُوتُ هَزَلًا بِذَنْبِ ابْنِ آدَمَ» ، وَخَصَّ الْحُبَارَى ; لِأَنَّهُ أَبْعَدُ الطَّيْرِ نُجْعَةً أَيْ: طَلَبًا لِلرِّزْقِ، وَإِنَّمَا تُذْبَحُ بِالْبَصْرَةِ، وَتُوجَدُ فِي حَوْصَلَتِهَا الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءِ، وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ وَبَيْنَ مَنَابِتِهَا مَسِيرَةُ أَيَّامٍ، وَجَاءَ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ تَلْعَنُ الْمُذْنِبِينَ بِسَبَبِ حَبْسِ الْقَطْرِ عَنْهَا بِذُنُوبِهِمْ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute