للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيِ: اللَّهِ تَعَالَى. (قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ) ، وَهَذَا تَوْطِئَةٌ لِلتَّهَيُّؤِ بِالْإِصْغَاءِ لِلْكَلَامِ ; لِيَحْصُلَ الْإِدْرَاكُ عَلَى الْوَجْهِ التَّامِّ. (قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟) مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ الْمَصِيرَ إِلَى دَارِ الْآخِرَةِ أَوْ بِمَعْنَى الرُّؤْيَةِ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ. (فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبَّنَا) اسْتِعْطَافًا لِمَزِيدِ عَطَائِهِ وَرِضْوَانِهُ. (فَيَقُولُ: لِمَ؟) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ: لِأَيِّ سَهْوٍ أَذْنَبْتُمْ؟ وَالصَّحِيحُ لِمَ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟ . (فَيَقُولُونَ؟ رَجَوْنَا عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ) وَفِيهِ أَنَّ مِنْ حَسَّنَ الظَّنَّ بِاللَّهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ الِاسْتِفْهَامِ مَعَ عِلْمِهِ تَعَالَى بِبَوَاطِنِهِمْ إِعْلَامُ السَّامِعِينَ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِمْ لِلِقَائِهِ عَلَى حَدِّ: {أَوْ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} [البقرة: ٢٦٠] أَوِ الْمُرَادُ زِيَادَةُ الِانْبِسَاطِ وَالتَّلَذُّذِ بِهِمْ لِسَمَاعِ كَلَامِ الرَّبِّ عَلَى الْبِسَاطِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} [طه: ١٧] ، فَيَقُولُ: (قَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ) لِي تَثَبَّتْتُ، فَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: " «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ وَاثِلَةَ، وَقَالَ تَعَالَى: «إِذَا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي كَرِهْتُ لِقَاءَهُ» . رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَحَبَّةَ لِقَائِهِ تَعَالَى عَلَامَةُ مَحَبَّةِ اللَّهِ لِقَاءَهُ ; لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِهَذِهِ فَإِنَّ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمَةٌ، وَكَذَا حُكْمُ الْكَرَاهَةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى عَدَمِ الرِّضَا، فَفِي التَّنْزِيلِ: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤] ، {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: ١١٩] . (رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ) وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ. قَالَ مِيرَكُ: وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَذَا فِي التَّصْحِيحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>