للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صُدُورَ نَفْسِ الزِّنَا، فَمَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ عَنْهُ بِفَضْلِهِ صَدَرَ عَنْهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ الظَّاهِرَةِ، وَمَنْ عَصَمَهُ بِمَزِيدِ فَضْلِهِ، وَرَحْمَتِهِ عَنْ صُدُورِ مُقَدِّمَاتِهِ، وَهُمْ خَوَاصُّ عِبَادِهِ صَدَرَ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ بِمُقْتَضَى الْجِبِلَّةِ مُقَدِّمَاتُهُ الْبَاطِنَةُ، وَهِيَ تَمَنِّي النَّفْسِ، وَاشْتِهَاؤُهَا اهَـ.

قُلْتُ: الْمُرَادُ بِالْمُقَدِّمَاتِ الْبَاطِنَةِ الْخَوَاطِرُ الذَّمِيمَةُ الَّتِي هِيَ غَيْرُ اخْتِيَارِيَّةٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: ٢٤] . (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

(وَفِي رِوَايَةٍ) : أُخْرَى (لِمُسْلِمٍ قَالَ: (كُتِبَ) : مَجْهُولٌ، وَقِيلَ مَعْلُومٌ (عَلَى ابْنِ آدَمَ) أَيْ: هَذَا الْجِنْسُ، أَوْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَاسْتُثْنِيَ الْأَنْبِيَاءُ. (نَصِيبُهُ) أَيْ: حَظُّهُ، أَوْ مِقْدَارُ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الزِّنَا مُدْرِكٌ) : بِالتَّنْوِينِ، وَيَجُوزُ الْإِضَافَةُ (ذَلِكَ) : يَعْنِي هُوَ أَيِ: ابْنُ آدَمَ، وَأَصْلُهُ حَظَّهُ، وَنَصِيبَهُ، أَوْ نَصِيبَهُ الْمُقَدَّرَ يُدْرِكُهُ، وَيُصِيبُهُ (لَا مَحَالَةَ) أَيْ: لَا حَائِلَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَهُ أَوْ لَا حِيلَةَ لَهُ فِي دَفْعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ إِذْ لَا حَذَرَ مِنَ الْقَدَرِ، وَلَا قَضَاءَ مَعَ الْقَضَاءِ. ( «الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ» ) ؟ فَإِنَّهُ حَظُّهُمَا وَلَذَّتُهُمَا (وَالْأُذُنَانِ) : بِضَمِّ الذَّالِ، وَتُسَكَّنُ (زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ) أَيْ: إِلَى كَلَامِ الزَّانِيَةِ أَوِ الْوَاسِطَةِ، فَهُوَ حَظُّهُمَا وَلَذَّتُهُمَا بِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ: إِلَى صَوْتِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَوْرَةٌ، أَوْ بِشَرْطِ الْفِتْنَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ ( «وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ» ) أَيْ: مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ بِالْمُوَاعَدَةِ عَلَى الزِّنَا، أَوْ مَعَ مَنْ يَتَوَسَّلُ بِهِ إِلَيْهَا عَلَى وَجْهِ الْحَرَامِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ إِنْشَاءُ الشِّعْرِ، وَإِنْشَادُهُ فِيهَا ( «وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ» ) ، أَيِ: الْأَخْذُ، وَاللَّمْسُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكِتَابَةُ إِلَيْهَا، وَرَمِيُ الْحَصَا عَلَيْهَا، وَنَحْوُهُمَا ( «وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا» ) : جَمْعُ خُطْوَةٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ يَعْنِي زِنَاهُمَا نَقْلُ الْخُطَا أَيِ: الْمَشْيُ، أَوِ الرُّكُوبُ إِلَى مَا فِيهِ الزِّنَا ( «وَالْقَلْبُ يَهْوَى» ) : بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ: يُحِبُّ، وَيَشْتَهِي (وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ أَيْ: مَا تَتَمَنَّاهُ النَّفْسُ، وَتَدْعُو إِلَيْهِ الْحَوَاسُّ، وَهُوَ الْجِمَاعُ. (الْفَرْجُ) أَيْ: يُوَافِقُهُ، وَيُطَابِقُهُ بِالْفِعْلِ (وَيُكَذِّبُهُ) أَيْ: بِالتَّرْكِ، وَالْكَفِّ عَنْهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَهُ اضْطِرَارًا لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>