للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجَزَرِيُّ وَكَذَا صَاحِبُ الْقَامُوسِ. (فَأَغْمَضَهُ) أَيْ: غَمَّضَ عَيْنَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ، وَالْإِغْمَاضُ بِمَعْنَى التَّغْمِيضِ وَالتَّغْطِيَةِ. (ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: عِلَّةٌ لِلْإِغْمَاضِ ; لِأَنَّ الرُّوحَ إِذَا فَارَقَ. (تَبِعَهُ الْبَصَرُ) أَيْ: فِي الذِّهَابِ فَلَمْ يَبْقَ لِانْفِتَاحِ بَصَرِهِ فَائِدَةٌ أَوْ عِلَّةٌ لِلشَّقِّ أَيِ: الْمُحْتَضَرُ يَتَمَثَّلُ لَهُ الْمَلَكُ الْمُتَوَلِّي لِرُوحِهِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ شَزْرًا وَلَا يَرْتَدُّ طَرْفُهُ حَتَّى تُفَارِقَهُ الرُّوحُ، أَوْ تَضْمَحِلَّ بَقَايَا قُوَى الْبَصَرِ، وَيَبْقَى الْحَصْرُ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ، وَيُعَضِّدُهُ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا مَاتَ شَخُصَ بَصَرُهُ ". قَالُوا: بَلَى. قَالَ: " فَذَلِكَ حَتَّى يَتْبَعَ بَصَرُهُ نَفْسَهُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ الْغِطَاءَ سَاعَتَئِذٍ حَتَّى يُبْصِرَ، قُلْتُ: يُؤَيِّدُهُ: {فَكَشْفنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢] . (فَضَجَّ) بِالْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ: رَفَعَ الصَّوْتَ بِالْبُكَاءِ، وَصَاحَ بِالنَّاسِ مِنْ أَهْلِهِ فَقَالَ: (لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ) وَفِي رِوَايَةٍ نُسْكِتُهُمْ، بِالنُّونِ وَالتَّاءِ، فَقَالَ: إِلَخْ قَالَ الْمُظْهِرُ: أَيْ: لَا تَقُولُوا شَرًّا وَوَائِلًا أَوِ الْوَيْلَ لِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُمْ إِذَا تَكَلَّمُوا فِي حَقِّ الْمَيِّتِ بِمَا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يُرْجِعَ تَبِعَتَهُ إِلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُمْ دَعَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِشَرٍّ وَيَكُونُ الْمَدَى كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] أَيْ: بَعْضُكُمْ بَعْضًا اهـ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ) أَيْ: فِي دُعَائِكُمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. (ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْأُولَى أَيِ: الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ سَابِقًا وَالْهِجْرَةِ إِلَى خَيْرِ الْأَنَامِ. (وَاخْلُفْهُ) بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَضَمِّ اللَّامِ مِنْ خَلَفَ يَخْلُفُ إِذَا قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ بَعْدَهُ فِي رِعَايَةِ أَمْرِهِ، وَحِفْظِ مَصَالِحِهِ أَيْ: كُنْ خَلَفًا أَوْ خَلِيفَةً لَهُ. (فِي عَقِبِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: فِي أَوْلَادِهِ وَإِلَّا ظَهَرَ مَنْ يَعْقُبُهُ وَيَتَأَخَّرُ عَنْهُ مِنْ وَلَدٍ وَغَيْرِهِ، وَلِذَا أَبْدَلَ عَنْ عَقِبِهِ لِقَوْلِهِ: (فِي الْغَابِرِينَ) بِإِعَادَةِ الْجَارِّ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيِ: الْبَاقِينَ فِي الْأَحْيَاءِ مِنَ النَّاسِ) ، فَقَوْلُهُ فِي الْغَابِرِينَ حَالٌ مِنْ عَقِبِهِ، أَيْ: أَوْقِعْ خِلَافَتَكَ فِي عَقِبِهِ كَائِنِينَ فِي جُمْلَةِ الْبَاقِينَ مِنَ النَّاسِ. (وَاغْفِرْ لَنَا) يَصِحُّ أَنَّهَا لِتَعْظِيمِ نَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ وَلَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ الْأُمَّةِ. (وَلَهُ) أَيْ: أَبِي سَلَمَةَ خُصُوصًا، وَكَرَّرَ ذِكْرَهُ تَأْكِيدًا. (يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَأَفْسِحْ لَهُ) أَيْ: وَسِّعْ. (فِي قَبْرِهِ) دُعَاءٌ بِعَدَمِ الضَّغْطَةِ. (وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ) أَيْ: فِي قَبْرِهِ، أَرَادَ بِهِ دَفْعَ الظُّلْمَةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) الْأَخْصَرُ أَنَّهُ كَانَ يُجْمِلُ وَيَقُولُ: رَوَى الْأَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةَ مُسْلِمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>