للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٢٢ - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اقْرَءُوا سُورَةَ يس عَلَى مَوْتَاكُمْ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

١٦٢٢ - (وَعَنْ مَعْقِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ. (بْنِ يَسَارٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اقْرَءُوا سُورَةَ يس عَلَى مَوْتَاكُمْ» ) أَيِ: الَّذِينَ حَضَرَهُمُ الْمَوْتُ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي قِرَاءَتِهَا أَنْ يَسْتَأْنِسَ الْمُحْتَضَرُ بِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَأَحْوَالِ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَيِّتِ الَّذِي حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَكَأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ، وَأَنْ يُرَادَ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ أَوْ دُونَ مَدْفَنِهِ. قَالَ الْإِمَامُ فِي التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ: الْأَمْرُ بِقِرَاءَةِ يس عَلَى مَنْ شَارَفَ الْمَوْتَ مَعَ وُرُودِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبٌ، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ " يس» إِيذَانًا بِأَنَّ اللِّسَانَ حِينَئِذٍ ضَعِيفُ الْقُوَّةِ، وَسَاقِطُ الْمِنَّةِ، لَكِنَّ الْقَلْبَ أَقْبَلَ عَلَى اللَّهِ بِكُلِّيَّتِهِ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ مَا يَزْدَادُ قُوَّةً قَلْبُهُ وَيَسْتَمِدُّ تَصْدِيقَهُ بِالْأُصُولِ فَهُوَ إِذَنْ عَمَلُهُ وَمَهَامُّهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ - وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ - أَنَّ السُّورَةَ الْكَرِيمَةَ إِلَى خَاتِمَتِهَا مَشْحُونَةٌ بِتَقْرِيرِ أُمَّهَاتِ الْأُصُولِ، وَجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمُعْتَبَرَةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْعُلَمَاءُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَكَيْفِيَّةِ الدَّعْوَةِ، وَأَحْوَالِ الْأُمَمِ، وَإِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ، وَنَفْيِ الضِّدِّ وَالنِّدِّ وَأَمَارَاتِ السَّاعَةِ، وَبَيَانِ الْإِعَادَةِ وَالْحَشْرِ وَحُضُورِ الْعَرَصَاتِ وَالْحِسَابِ، وَالْجَزَاءِ وَالْمَرْجِعِ وَالْمَآبِ، فَحَقُّهَا أَنْ تُقْرَأَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ) وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالدَّيْلَمِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ يُقْرَأُ عِنْدَ رَأْسِهِ سُورَةُ " يس " إِلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ» اهـ. وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا «يس قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَؤُهَا عَبْدٌ يُرِيدُ الدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ; فَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ» . قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ «مَا مِنْ مَيِّتٍ يُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إِلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ» ، وَخَالَفَهُ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ فَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ، فَقَالَ: بَلْ يُقْرَأُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ مُسَجًّى، وَذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى أَنَّهُ يُقْرَأُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ ابْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُ: «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَقَرَأَ عِنْدَهُمَا يس غُفِرَ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>