١٦٥٦ - وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: «أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا تُوَفِّي سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ: ادْخُلُوا بِهِ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: وَاللَّهِ، لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٦٥٦ - (وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) أَيْ: فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ عَلَى عَشَرَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَحُمِلَ إِلَيْهَا عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ لِيُدْفَنَ بِالْبَقِيعِ، وَذَلِكَ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. (قَالَتِ: ادْخُلُوا بِهِ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ: سَأَلَتْ عَائِشَةُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ لِتُصَلِّيَ هِيَ عَلَيْهِ أَيْضًا. (فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا) أَيْ: فَأَبَوْا عَلَيْهَا، وَقَالُوا: لَا يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ. (فَقَالَتْ: وَاللَّهِ، لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ) اسْمٌ لِلْأُمِّ. (فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ) بِالتَّصْغِيرِ، وَفِي نُسْخَةٍ سَهْلٌ. (وَأَخِيهِ) وَقَالَ الطِّيبِيُّ: اسْمُهُ سَهْلٌ، مَاتَا سَنَةَ تِسْعٍ، وَبَيْضَاءُ أُمُّهُمَا، وَاسْمُهَا: دَعْدُ بِنْتُ الْجَحْدَمِ، وَاسْمُ أَبِيهِمَا عَمْرُو بْنُ وَهْبٍ. قَالَ مِيرَكُ: غَلِطَ الطِّيبِيُّ فِي اسْمِ أَبِيهِمَا وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ كَمَا فِي الِاسْتِيعَابِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ، وَكَانَ سَهْلٌ قَدِيمَ الْإِسْلَامِ، هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى قَوْلِ عَائِشَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: إِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا مُتَوَافِرِينَ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالنَّسْخِ لَمَا خَالَفُوا حَدِيثَ عَائِشَةَ اهـ. كَلَامُ الطِّيبِيِّ، أَوْ حَمَلُوهُ عَلَى عُذْرٍ كَمَطَرٍ، أَوْ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ، أَوْ عَلَى الْجَوَازِ، وَعَمِلُوا بِالْأَفْضَلِ فِي حَقِّ سَعْدٍ سِيَّمَا وَكَانَ مَظِنَّةَ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ لِإِتْيَانِهِ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ، وَتَحْرِيكِهِ عَلَى الْأَعْنَاقِ السَّعِيدَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: فِيهِ أَوْضَحُ حُجَّةٍ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْأَفْضَلُ إِدْخَالُ الْمَيِّتِ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَمَرْدُودٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَفْضَلَ لَكَانَ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمَا امْتَنَعَ جُلُّ الصَّحَابَةِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ الْجَوَازَ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَا أَظُنُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: بِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ مَعَ خِلَافِ الْإِمَامِ الْأَكْمَلِ، وَقَدْ نَازَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّافِعِيَّ فِي الِاسْتِحْبَابِ بِأَنَّهُ كَانَ لِلْجَنَائِزِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَالْغَالِبُ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا ثَمَّةَ، وَدَفَعَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا لَا يَصْلُحُ نَقْلًا، وَلَا يَصِحُّ عَقْلًا، ثُمَّ نَاقَضَ كَلَامَهُ وَعَارَضَ مَرَامَهُ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» . فَضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ، وَالَّذِي فِي جَمِيعِ أُصُولِ أَبِي دَاوُدَ الْمُعْتَمَدَةِ. فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، أَوِ الْمُرَادُ فَلَا أَجْرَ لَهُ كَامِلٌ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute