(بَابُ دَفْنِ الْمَيِّتِ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)
١٦٩٣ - «عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ: أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
بَابٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
١٦٩٣ - (عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ) أَيْ: مَاتَ. (أَلْحِدُوا) بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَبِقَطْعِهَا وَكَسْرِ الْحَاءِ. (لِي) أَيْ: لِأَجْلِي. (لَحْدًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مِنْ بَابِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ عَلَى تَجْرِيدٍ فِي الْفِعْلِ، أَيِ: اجْعَلُوا لِي لَحْدًا. فِي النِّهَايَةِ: اللَّحْدُ الشَّقُّ الَّذِي يُعْمَلُ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ، لِوَضْعِ الْمَيِّتِ، لِأَنَّهُ قَدْ أُمِيلَ عَنْ وَسَطِ الْقَبْرِ إِلَى جَانِبِهِ، يُقَالُ: لَحَدْتُ وَأَلْحَدْتُ، وَأَصْلُ الْإِلْحَادِ الْمَيْلُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْحَدُوا هُوَ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ، وَيَجُوزُ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اللَّحْدِ، وَنَصْبُ اللَّبِنِ فَإِنَّهُ فُعِلَ ذَلِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ نَقَلُوا أَنَّ عَدَدَ لَبِنَاتِهِ تِسْعٌ اهـ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَوْعٌ مِنَ الْإِعْجَازِ لَهُ، أَوْ صِنْفٌ مِنَ الْكَرَامَةِ لِلصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ أَمَرَهُمْ بِاللَّحْدِ لَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ وَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنَّ أَيَّ الْحَفَّارِينَ مِنْ صَاحِبِ اللَّحْدِ وَالشَّقِّ، فَالْعَمَلُ لَهُ، وَاخْتَارَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ اللَّحْدَ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّحْدُ لَنَا، ثُمَّ قَوْلُهُ: لَحْدًا بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى مَا فِي الْأُصُولِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَيِّنٌ فِي الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، وَأَمَّا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ فَمُشْتَرَكٌ فِيهِمَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْقَامُوسِ، حَيْثُ قَالَ: اللَّحْدُ وَيُضَمُّ: الشَّقُّ يَكُونُ فِي عُرْضِ الْقَبْرِ، وَلَحَدَ الْقَبْرَ كَمَنَعَ، وَأَلْحَدَهُ عَمِلَ لَهُ لَحْدًا، وَالْمَيِّتَ دَفَنَهُ. (وَانْصِبُوا) بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ: أَقِيمُوا. (عَلَيَّ أَيْ: فَوْقِي. (اللَّبِنَ بِكَسْرِ الْبَاءِ، فِي الْقَامُوسِ: اللَّبِنُ كَكَتِفٍ الْمَضْرُوبُ مِنَ الطِّينِ مُرَبَّعًا لِلْبِنَاءِ، وَيُقَالُ فِيهِ بِالْكَسْرِ وَبِكَسْرَتَيْنِ. (نَصْبًا) أَيْ: نَصْبًا مَرْصُوصًا عَلَى) وَجْهِ الْعَادَةِ. (كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ) أَيْ: بِقَبْرِهِ. (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْحِدَ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ أُلْحِدَ وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ) نَصْبًا، وَرُفِعَ قَبْرُهُ مِنَ الْأَرْضِ نَحْوَ شِبْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا اللَّحْدُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرُورَةً مِنْ رَخْوِ الْأَرْضِ فَيُخَافُ أَنْ يَنْهَارَ اللَّحْدُ فَيُصَارُ إِلَى الشَّقِّ، بَلْ ذُكِرَ لِي أَنَّ بَعْضَ الْأَرَضِينَ مِنَ الرِّمَالِ يَسْكُنُهَا بَعْضُ الْأَعْرَابِ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الشَّقُّ أَيْضًا، بَلْ يُوضَعُ الْمَيِّتُ وَيُهَالُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute