للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٩٥ - وَعَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ: أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

١٦٩٥ - (وَعَنْ سُفْيَانَ) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ، كُوفِيٌّ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ. (التَّمَّارُ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الَّذِي يَبِيعُ التَّمْرَ. (أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا) بِتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ أَنْ يُجْعَلَ كَهَيْئَةِ السَّنَامِ، وَهُوَ خِلَافُ تَسْطِيحِهِ، وَقَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: الْمُسَنَّمُ الْمُحَدَّبُ كَهَيْئَةِ السَّنَامِ، خِلَافَ الْمُسَطَّحِ، وَهُوَ الْمُرَبَّعُ، قَالَ فِي الْأَزْهَارِ: احْتَجَّ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ التَّسْنِيمَ فِي شَكْلِ الْقُبُورِ أَفْضَلُ مِنَ التَّسْطِيحِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: التَّسْطِيحُ أَفْضَلُ ; لِأَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَبْطُوحَةً بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ، أَيْ: مَبْسُوطَةً بِالرِّمَالِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مُسَطَّحًا، وَرُوِيَ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَطَّحَ قَبْرَ ابْنِهِ، وَرَشَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ» . قَالَ السَّيِّدُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُيِّرَ عَمَّا كَانَ فِي الْقَدِيمِ، وَجُعِلَ مُسَنَّمًا ; لِأَنَّ جِدَارَهُ سَقَطَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: وَقِيلَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَا يُظَنُّ بِهِمْ هَذَا الظَّنُّ، وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الْهُمَامِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ، وَتَجْصِيصِهَا، وَرَوَى ابْنُ الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ نَاشِزَةً مِنَ الْأَرْضِ، وَعَلَيْهَا فَلَقٌ مِنْ مُدَرٍ أَبْيَضَ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَلَفْظُهُ عَنْ سُفْيَانَ: دَخَلْتُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُسَنَّمَةً، وَمَا عُورِضَ بِهِ مِمَّا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّتُ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةٍ، وَلَا لَاطِئَةٍ، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ، لَيْسَ مُعَارِضًا لِهَذَا، حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى الْجَمْعُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، وَأَيْضًا ظَهَرَ أَنَّ الْقَاسِمَ أَرَادَ أَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ بِرَاوِيَةِ أَبِي حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ بِسَنَدِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ثَلَاثَةً كُلَّهُمْ لَهُ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبٌ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ: مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَسَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَسَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبِرُونِي عَنْ قُبُورِ آبَائِكُمْ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكُلُّهُمْ قَالُوا: إِنَّهَا مُسَنَّمَةٌ اهـ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَنَا أَنَّ التَّسْطِيحَ صَارَ شِعَارَ الرَّوَافِضِ، وَكَأَنَّهُمْ أَخَذُوا مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ تَسْوِيَةَ الْمُشْرِفِ فِي الْخَبَرِ الْآتِي، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لَا عَلَى التَّسْطِيحِ كَمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَا عَلَى التَّسْنِيمِ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ، بَلْ فِيهِ مُبَالَغَةٌ لِلزَّجْرِ عَلَى الْبِنَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَسْوِيَتُهُ بِالْأَرْضِ حَقِيقَةً، إِذِ السُّنَّةُ أَنْ يُعْلَمَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُرْفَعَ شِبْرًا كَقَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>