للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ الْجُودِ، وَلَا قَصْدَ إِلَى إِثْبَاتِ يَدٍ وَلَا بَسْطٍ؛ كَذَا فِي الْكَشَّافِ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَدُ اللَّهِ أَيْ: خَزَائِنُ اللَّهِ. قِيلَ: إِطْلَاقُ الْيَدِ عَلَى الْخَزَائِنِ لِتَصَرُّفِهَا فِيهَا، وَالْمَعْنِيُّ بِالْخَزَائِنِ قَوْلُهُ: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: ١١٧] لِأَنَّهُ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى إِيجَادِ الْمَعْدُومِ، وَلِذَلِكَ لَا يَنْقُصُ أَبَدًا، وَقَوْلُهُ: مَلْأَى وَلَا تَغِيضُهَا، وَسَحَّاءُ، وَأَرَأَيْتُمْ عَلَى تَأْوِيلِ الْقَوْلِ أَيْ: مَقُولٌ فِيهَا أَخْبَارٌ مُتَرَادِفَةٌ لِيَدِ اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَصْفًا لِمَلْأَى، وَأَنْ يَكُونَ أَرَأَيْتُمُ اسْتِئْنَافًا، وَقَوْلُهُ: ( «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ خَلَقَ، وَكَذَا قَوْلُهُ ( «وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ» ) : حَالٌ مِنْهُ، أَوْ مِنْ خَبَرِ كَانَ، أَوِ اسْمِهِ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ فِي بَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ «بِيَدِهِ الْمِيزَانُ» : بِقُدْرَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ مِيزَانُ الْأَعْمَالِ، وَالْأَرْزَاقِ (يَخْفِضُ، وَيَرْفَعُ) أَيْ: يُنْقِصُ النَّصِيبَ، وَالرِّزْقَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ يَمْنَحُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَزِيدُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ. بِمُقْتَضَى قَدَرِهِ الَّذِي هُوَ تَفْصِيلٌ لِقَضَائِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ مِيزَانَ أَعْمَالِ الْعِبَادِ الْمُرْتَفِعَةِ إِلَيْهِ يُقَلِّلُهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَيُكْثِرُهَا لِمَنْ يَشَاءُ كَمَنْ بِيَدِهِ الْمِيزَانُ؛ يَخْفِضُ تَارَةً، وَيَرْفَعُ أُخْرَى، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْعَدْلُ يَعْنِي يُنْقِصُ الْعَدْلَ فِي الْأَرْضِ تَارَةً بِغَلَبَةِ الْجَوْرِ وَأَهْلِهِ، وَيَرْفَعُهُ تَارَةً بِغَلَبَةِ الْعَدْلِ وَأَهْلِهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

(وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ) : ( «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى» ) : قِيلَ: خَصَّ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهَا مَظَنَّةُ الْعَطَاءِ، أَوْ إِشَارَةٌ إِلَى يُمْنِ الْعَطَاءِ وَبَرَكَتِهِ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالرِّضَا بُورِكَ لَهُ فِي قَلِيلِهِ حَتَّى فَاقَ عَلَى كَثِيرٍ لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: ( «وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» ) أَيْ: مُبَارَكَةٌ قَوِيَّةٌ قَادِرَةٌ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْيَدَيْنِ التَّصَرُّفَيْنِ مِنْ إِعْطَاءِ الْجَزِيلِ، وَالْقَلِيلِ. (قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ) : بِالتَّصْغِيرِ أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ فِي رِوَايَتِهِ (مَلْآنُ) أَيْ: رَوَاهُ كَذَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالُوا: هُنَا غَلَطٌ مِنْهُ، وَصَوَابُهُ مَلْأَى بِالتَّأْنِيثِ كَمَا فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنْ أَرَادُوا رَدَّهُ رِوَايَةً، وَنَقْلًا فَلَا نِزَاعَ، وَإِنْ أَرْادَوْا رَدَّهُ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ، فَإِنَّ الْيَدَ مُؤَنَّثَةٌ فَأَمْرُهُ سَهْلٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَدُ اللَّهِ إِحْسَانُهُ وَإِفْضَالُهُ. قُلْتُ: وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُهُ. قَوْلُهُ: (سَحَّاءُ لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>