١٧٠٨ - وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا ": «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَثَى عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَأَنَّهُ رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ، وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ» " رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: رَشَّ.
ــ
١٧٠٨ - (وَعَنْ جَعْفَرٍ) أَيِ: الصَّادِقِ. (بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِيهِ) أَيْ: مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ. (مُرْسَلًا) لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُذِفَ الصَّحَابِيُّ، وَالْغَالِبُ رِوَايَتُهُ عَنْ جَابِرٍ. (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَثَى) كَرَمَى، أَيْ: قَبَضَ التُّرَابَ وَرَمَاهُ. (عَلَى الْمَيِّتِ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ. (ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) أَيْ: حَفَنَاتٍ، وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ: أَنَّهُ يَقُولُ: مَعَ الْأُولَى. (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ) وَمَعَ الثَّانِيَةِ. (وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ) وَمَعَ الثَّالِثَةِ. (وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) . (بِيَدَيْهِ جَمِيعًا) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فَالسُّنَّةُ لِمَنْ حَضَرَ الْمَيِّتَ عَلَى رَأْسِ الْقَبْرِ أَنْ يَحْثِيَ التُّرَابَ، وَيَرْمِيَهُ فِي الْقَبْرِ بَعْدَ نَصْبِ اللَّبِنِ، وَفِي التَّحْبِيرِ لِلْقُشَيْرِيِّ قِيلَ لِبَعْضِهِمْ فِي الْمَنَامِ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: وُزِنَتْ حَسَنَاتِي فَرَجَحَتِ السَّيِّئَاتُ عَلَى الْحَسَنَاتِ فَسَقَطْتُ عَلَى صُرَّةٍ فِي كِفَّةِ الْحَسَنَاتِ فَرَجَحَتْ، فَحُلَّتِ الصُّرَّةُ، فَإِذَا فِيهَا كَفُّ تُرَابٍ أَلْقَيْتُهُ فِي قَبْرِ مُسْلِمٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمَوَاهِبِ. (وَأَنَّهُ) أَيِ: النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (رَشَّ) أَيِ: الْمَاءَ. (عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَيُسَنُّ حَيْثُ لَا مَطَرَ رَشُّ الْقَبْرِ بِمَاءٍ بَارِدٍ، وَطَاهِرٍ طَهُورٍ تَفَاؤُلًا، بِأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّدُ مَضْجَعَهُ. (وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ) وَهِيَ بِالْمَدِّ الْحَصَى الصِّغَارُ قَالَ: فَفِي الْقَامُوسِ الْحَصْبَاءُ الْحَصَى، وَالْحَصَى صِغَارُ الْحِجَارَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ: الْحَصْبَاءُ الصِّغَارُ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْحَصَا عَلَيْهِ سُنَّةٌ، لِئَلَّا يَنْبِشَهُ سَبُعٌ، وَلِيَكُونَ عَلَامَةً لَهُ اهـ.
وَفِي الْعِلَّةِ الْأُولَى بَحْثٌ. (رَوَاهُ) أَيْ: صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ. (رَشَّ) قَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيهِ الْبَاقِرِ مُرْسَلًا فِي حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا إِلَى جَمِيعًا، وَالْآخَرُ: أَنَّهُ رَشَّ، وَقَدَّمَ حَدِيثَ الرَّشِّ عَلَى حَدِيثِ حَثَى، وَذَكَرَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَحَثَى بِيَدَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ» ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ مِيرَكُ: كَذَا فِي التَّصْحِيحِ، وَهُوَ خِلَالَ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَأَمَّلْ اهـ.
وَرَوَى الْبَزَّارُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالرَّشِّ فِي قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ فِي قَبْرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَدَلِيلُ الْحَثْيِ جَيِّدٌ، وَدَلِيلُ وَضْعِ الْحَصَى ضَعِيفٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يُعْمَلُ بِهِ فَيُسَنُّ وَضْعُهَا عَلَى الْقَبْرِ اهـ. وَفِيهِ إِشْكَالَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ حَدِيثَ الْحَثْيِ وَالرَّشِّ وَاحِدٌ، وَحَدِيثَ الرَّشِّ بِانْفِرَادِهِ ضَعِيفٌ، وَثَانِيهُمَا أَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُقَرَّرَةَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ لَا يُعْمَلُ بِهِ إِلَّا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute