١٧١٦ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ لِابْنِهِ وَهُوَ فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ، فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا، حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٧١٦ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ لِابْنِهِ) أَيْ: عَبْدِ اللَّهِ. (وَهُوَ) أَيْ: عَمْرٌو. (فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ) أَيْ: صَدَدِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: السِّيَاقُ النَّزْعُ وَأَصْلُهُ السِّوَاقُ. (إِذَا أَنَا مُتُّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا. (فَلَا تَصْحَبْنِي) أَيْ: لَا تَتْرُكْ أَنْ يَكُونَ مَعَ جَنَازَتِي. (نَائِحَةٌ) أَيْ: صَائِحَةٌ بِالْبُكَاءِ، وَنَادِبَةٌ بِالنِّدَاءِ ; فَإِنَّهُ يُؤْذِي الْمَيِّتَ وَالْحَيَّ، وَشَغَلَ الْمُشَيِّعَ عَنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَفَنَاءِ الدُّنْيَا، وَفَكَّرَ مُقَصِّرَهُمْ فِي أَمْرِ الْعُقْبَى. (وَلَا نَارٌ) أَيْ: لِلْمُبَاهَاةِ وَالرِّيَاءِ، كَمَا كَانَ عَادَةُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْآنَ فِي مَكَّةَ مِنْهَا بَقِيَّةٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلِأَنَّهَا مِنَ التَّفَاؤُلِ الْقَبِيحِ، وَفِيهِ أَنَّهَا سَبَبٌ لِلتَّفَاؤُلِ الْقَبِيحِ، لَا أَنَّهَا بَعْضُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي) أَيْ: أَرَدْتُمْ دَفْنِي. (فَشُنُّوا) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ: صُبُّوا وَكُبُّوا. (عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا) فِي النِّهَايَةِ: الشَّنُّ الصَّبُّ، بِسُهُولَةٍ (ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي) لَعَلَّهُ دُعَاءٌ بِالتَّثْبِيتِ وَغَيْرِهِ. (قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ) أَيْ: بَعِيرٌ وَهُوَ مُؤَنَّثُ اللَّفْظِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمُذَكَّرُ، فَيَجُوزُ تَذْكِيرُ يُنْحَرُ وَتَأْنِيثُهُ. (وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ أَيْ: بِدُعَائِكُمْ وَأَذْكَارِكُمْ وَقِرَاءَتِكُمْ، وَاسْتِغْفَارِكُمْ، وَقَدْ وَرَدَ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُدَ: أَنَّهُ «كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الرَّجُلِ يَقِفُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ لِأَخِيكُمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، وَفِي رِوَايَةٍ التَّثَبُّتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ وَقَالَ: وَبِهَذَا الْخَبَرِ وَقَوْلِ عُمَرَ اعْتَضَدَ حَدِيثُ التَّلْقِينِ الْمَشْهُورِ، فَمِنْ ثَمَّ عَمِلُوا بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، فَيَقُولُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إِنَّ التَّلْقِينَ بِدْعَةٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، اهـ. وَهُوَ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْمُعْتَضِدَ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الْمُعْتَضِدِ وَلَيْسَ هُنَا كَذَلِكَ، ثُمَّ قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَضِدْ إِجْمَاعًا كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ: مَحَلُّهُ الْفَضَائِلُ الثَّابِتَةُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ لَقِّنُوا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ. (وَأَعْلَمَ) مِنْ غَيْرِ وَحْشَةٍ. (مَاذَا أُرَاجِعُ) أَيْ: أُجَاوِبُ بِهِ. (رُسُلَ رَبِّي) أَيْ: سُؤَالَ الْمَلَكَيْنِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ
) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute