للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا لَمَا اعْتَذَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مُطَالَبَةِ زَكَاةِ مَالِ التِّجَارَةِ عَلَى خَالِدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ، وَقِيلَ: تَظْلِمُونَهُ بِدَعْوَى مَنْعِ الزَّكَاةِ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَ تَبَرُّعًا سِلَاحَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ قَصَدَ بِاحْتِبَاسِهَا إِعْدَادَهَا لِلْجِهَادِ دُونَ التِّجَارَةِ، وَقِيلَ: تَظْلِمُونَهُ بِطَلَبِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ فَإِنَّهُ قَدِ احْتَبَسَ الْأَدْرَاعَ وَالْأَعْتُدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ الَّتِي هِيَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَقِيلَ: بِدَعْوَى أَنَّهُ غَنِيٌّ وَقَدِ احْتَبَسَ مِنْ رَهْنِ أَسْلِحَتِهِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِأَجْلِ مَرْضَاةِ اللَّهِ، فَـ " فِي " تَعْلِيلِيَّةٌ (وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ) أَيْ صَدَقَةُ الْعَبَّاسِ لِلسَّنَةِ الذَّاهِبَةِ (عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا) أَيْ مِثْلُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ فِي كَوْنِهَا فَرِيضَةً عَامٌ آخَرُ، لَا فِي السِّنِينَ وَالْقَدْرِ، قِيلَ: أَخَّرَ عَنْهُ زَكَاةَ عَامَيْنِ لِحَاجَةٍ بِالْعَبَّاسِ، وَتَكَفَّلَ بِهَا عَنْهُ، وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ وَضَمَّنَهَا إِيَّاهُ، وَلَمْ يَقْبِضْهَا وَكَانَتْ دَيْنًا عَلَى الْعَبَّاسِ لِأَنَّهُ رَأَى بِهِ حَاجَةً، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَى السَّاعِي قُلْتُ أَحْوَالُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِهِ فَلَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ اهـ وَلَا مَنْعَ إِذَا رَأَى الْخَلِيفَةُ مِثْلَ هَذَا فِي بَعْضِ رَعَايَاهُ رِعَايَةً لِحَالِهِ مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى عَدَمِ فَوْتِ مَالِهِ، وَقِيلَ: تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةَ سَنَتَيْنِ تَقْدِيمًا عَامَ شَكَا الْعَامِلُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّا تَسَلَّفْنَا مِنَ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ "، وَرُوِيَ: إِنَّا تَعَجَّلْنَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِالْحَمْلِ عَلَى وُقُوعِ الْقَضِيَّتَيْنِ (ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أَمَا شَعَرْتَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْهَمْزَةُ اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَمَا نَافِيَةٌ، أَيْ مَا عَلِمْتَ (أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ النُّونِ، أَيْ مِثْلُهُ وَنَظِيرُهُ، إِذْ يُقَالُ لِنَخْلَتَيْنِ نَبَتَا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ صِنْوَانٌ، وَلِأَحَدِهِمَا صِنْوٌ، وَالْمَعْنَى أَمَا تَنَبَّهْتَ أَنَّهُ عَمِّي وَأَبِي، فَكَيْفَ تَتَّهِمُهُ بِمَا يُنَافِي حَالَهُ، لَعَلَّ لَهُ عُذْرًا، وَأَنْتَ تَلُومُهُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا تُؤْذِهِ رِعَايَةً لِجَانِبِي (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>