للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٧ - وَعَنْ أَبِي خِزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: (هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ» ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٩٧ - (وَعَنْ أَبِي خِزَامَةَ) : بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَتَخْفِيفِ الزَّاءِ (عَنْ أَبِيهِ) : وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَرُوِيَ هَكَذَا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَفِي اسْمِ الرَّاوِي أَبِي خِزَامَةَ خِلَافٌ لِلْمُحَدِّثِينَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ أَبُو خِزَامَةَ بْنِ يَعْمُرَ أَحَدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ سَعْدٍ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ (قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا» ) : جَمْعُ رُقْيَةٍ كَظُلَمٍ جَمْعُ ظُلْمَةٍ، وَهِيَ مَا يُقْرَأُ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ، وَالِاسْتِرْقَاءُ طَلَبُ الرُّقْيَةِ (وَدَوَاءً) : بِالنَّصْبِ (نَتَدَاوَى بِهِ) أَيْ: نَسْتَعْمِلُهُ (وَتُقَاةً) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ (نَتَّقِيهَا) أَيْ: نَلْتَجِئُ بِهَا، أَوْ نَحْذَرُ بِسَبَبِهَا، وَأَصْلُ تُقَاةٍ، وُقَاةٌ؛ مِنْ وَقَى، وَهِيَ اسْمُ مَا يَلْتَجِئُ بِهِ النَّاسُ مِنْ خَوْفِ الْأَعْدَاءِ كَالتُّرْسِ، وَهُوَ مَا يَقِي مِنَ الْعَدُوِّ أَيْ: يَحْفَظُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا. بِمَعْنَى الِاتِّقَاءِ، فَالضَّمِيرُ فِي نَتَّقِيهَا لِلْمَصْدَرِ. قِيلَ: وَهَذِهِ الْمَنْصُوبَاتِ أَعْنِي رُقًى، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مَوْصُوفَاتٌ بِالْأَفْعَالِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَهَا، وَمُتَعَلِّقَةٌ بِمَعْنَى أَرَأَيْتَ أَيْ: أَخْبِرْنِي عَنْ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا فَنُصِبَتْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِلَفْظِ: أَرَأَيْتَ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ الْمَوْصُوفُ مَعَ الصِّفَةِ، وَالثَّانِي الِاسْتِفْهَامُ بِتَأْوِيلِ مَقُولًا فِي حَقِّهَا (هَلْ تَرُدُّ) أَيْ: هَذِهِ الْأَسْبَابُ (مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: (هِيَ) ؛ أَيِ الْمَذْكُورَاتُ الثَّلَاثُ (مِنْ قَدَرِ اللَّهِ) أَيْضًا؛ يَعْنِي: كَمَا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ الدَّاءَ قَدَّرَ زَوَالَهُ بِالدَّوَاءِ، وَمَنِ اسْتَعْمَلَهُ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا قَدَّرَهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ جَوَازُ الرُّقْيَةِ؛ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «اسْتَرَقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ» ) ، أَيِ: اطْلُبُوا لَهَا مَنْ يَرْقِيهَا، وَفِي بَعْضِهَا النَّهْيُ عَنْهَا كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَابِ التَّوَكُّلِ: «الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ» ) ، وَالْأَحَادِيثُ فِي الْقِسْمَيْنِ كَثِيرَةٌ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ الرُّقْيَةِ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ فِي كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ، أَوْ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، وَمَا يَعْتَقِدُهُ مِنْهَا أَنَّهَا نَافِعَةٌ لَا مَحَالَةَ، فَيَتَّكِلُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مَنْهِيَّةٌ، وَإِيَّاهَا أَرَادَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِهِ: ( «مَا تَوَكَّلَ مَنِ اسْتَرْقَى» ) : وَمَا كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَالتَّعَوُّذِ بِالْقُرْآنِ، وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالرُّقَى الْمَرْوِيَّةُ فَلَيْسَتْ بِمَنْهِيَّةٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلَّذِي رَقَى بِالْقُرْآنِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَجْرًا: ( «مَنْ أَخَذَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ فَقَدْ أَخَذْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ» ) . وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: ( «لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ» ) فَمَعْنَاهُ: لَا رُقْيَةَ أَوْلَى وَأَنْفَعُ مِنْهُمَا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَبِتَحْرِيمِ الرُّقْيَةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ؛ صَرَّحَتْ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا: وَابْنُ مَاجَهْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>